القائمة الرئيسية

الصفحات

Clickadu

كتاب أيـَّـامُ وَليـَـالي العـَـامِريّة.لمحمد ربيع الشلوي

كِتاَبُ.

                                                        صَفَحاتٌُ مطويّة مِن .. 

أيـَّـامُ وَليـَـالي العـَـامِريّة.

(وصف وتأصيل لتاريخها ، و إطروحة بسيطة عن مكانٍ له تاريخ ).

كتاب أيـَّـامُ وَليـَـالي العـَـامِريّة.لمحمد ربيع الشلوي
تأليف

محمد ربيع الشلوي


2014








إهداء.

 

إلى أبناء وطني وموطني ..

 وأبناء مدينتي العامرية ..

إلى أبناء البادية ، والحضر ..

 إلى كل المعنيين بتراث الماضي ..

والمتطلعين إلى نور المستقبل .

 

الكاتب

محمد ربيع الشلوي

 

 

تقدمه

        بعدما تحولت العامرية إلى مدينة كبيرة حديثة ، يظهر بها مظاهر المدنية الحديثة والرقي  ، ونما الحضر على البادية ، فقد باتت مجتمع جاذب للسكان ، بعدما حلت به جماعات من أبناء الوطن ،لا يدرون أدنى شيئ عن العامرية ، ولا تاريخها ، فأبت نفسي إلا ان أضيف بعض الخواطر أو  المعلومات ، ووصف أو  تحليل للمجتمع الذي انتمي إليه ، من جماع ما سمعت من والدي الأستاذ ربيع الشلوي المحامي ـ حفظه الله ، ومن أهل العامرية القدامى ، عن العامرية قديماً ، الذين رسموا لي صورة خيالية عن ذاك المجتمع ، صدقتها الصور من  أرشيف ذكريات العامرية.                                                   و رأيت انه لابد من كتابة وريقات ، تؤرخ هذه الذكريات ، وتدون تلك الاحداث ،فوجدت أكثرهم  يتلهفون أن يعرفوا كل ماهو كان من تاريخها ،ليلموا بحيث لايعلمون من تاريخها ومن أمرها المنصرم ، والحقيقة لقد وجدت ذلك في أغلبهم.                       

              ووجدت فيهم عدد غير قليل يظن ـ خطأً ـ  انها مدينة جديدة نشأت مع المجتمعات العمرانية الجديدة ، حالها كحال المدن الجديدة ، كمدينة برج العرب الجديدة ، ومدينة السادات ، وغيرها من المدن الجديدة.                                                   

         ورأيت وبدافع من المسئولية التثقيفية ـ ليس إلا ـ أن انشر بعض صفحات مطوية ، عن العامرية القديمة ، حتى يستقيم الفهم لدى أبنائها ، ورأيت أن معظمهم من الشباب ، الواعي المثقف ؛ هم لداتي ورفاقي ، ولكن يجهلون تاريخها ، فتاريخها هو جزء لا يتجزا من تاريخ مصر الحديثة .         فطلب إليّ أن أنشر بعض من هذه القصاصات ، من بعض المعلومات عن العامرية وتاريخها ، بعدما طرحت سؤالاً على أصدقائي على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي ، الفيس بوك ، عن أصل وسبب تسمية العامرية بهذا الإسم؟ وما اسمها القديم ؟! ومن أسسها؟ بعدما طالعت مقالاً يذكر سبب تسمية بعض أحياء ومناطق بالإسكندرية جميعها ، بيد أنه لم يتعرض (للعامرية)  بأي بحث أو  بيان لسبب تسميتها بذلك الإسم مطلقاً .

           ذلك الأمر أثار فضولي بشدة ، وهيج لي ما كنت قد شرعت فيه من كتابة صفحات أو  وريقات عن تاريخ العامرية ، وكذلك البحث عن أصل وسبب تسمية العامرية بهذا الإسم؟ وما اسمها القديم ؟! ومن أسسها؟ وما حقيقة هذه الأماكن القائمة التي نمر عليها مَّر الكرام ؟! دون إثارة  أي سؤال عن أصل وتاريخ هذه الأماكن ، وماحقيقة الأحداث التي يتردد صداها ـ وباتت حكايات لا تذكر إلا في المناسبات فحسب.                                                                  

         ولكن هالني ما وجدت من قصور شديد في كثير المعلومات ، عند أبناء العامرية أنفسهم ؛ بل والأدهى والأمّر ، عند أهل العامرية القدامي ، معلومات متخبطة ومغلوطة ، في كثير من الأحيان ، بل إن شئت قل إنعدام وضحالة المعلومات المتوفرة ، ونضابة مصادر المعرفة ،كالشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، والكتب الباثولوجية المعنية بالأمركذلك ، بل كانت الكتب الباثولوجية نفسها هي ثالثة الأثافي بالنسبة لي ، حيث كانت الأبحاث من غير متخصصين في علم اللهجات ،  أومختصين من غير البدو ، يعوزهم ثقافة المكان ولهجة أهله ، فأهل مكة أدرى بشعابها ،وحتى لو درسوا اللهجة وألموا بها ـ وهو أمر شاق ـ لن تسعفهم قريحتهم اللغوية  ، ولن يكونوا كأبناء المحلة أو المكان من البدو الذين يمضغون الشيح والقيسوم ، فالبدوي هو ابن بجدتها ، فباتوا كمستبضع التمر في خيبر.           

        جمعته بعدما  نشرته على صفحات الإنترنت ، ونال بفضل الله إعجاب الكثير ، وقد ألحوا عليّ أصدقائي جمعه وتوليفه بين دفتي كتاب ، لتعم الفائدة ويلم به الشعث ، والحقُ والحقَ اقول أنني لم اكتبها كنوع من الدراسة الباثولوجية المتعمقة ـ  فهذا ليس محل دراستي مجالي مطلقاً ـ ولكن كتبتها كمقال يدّون ذكريات مكان معين.                            

        فقد أعددته في بضع فصول تحمل عناوين مختلفة ، كانت بالأصل رؤوس مقالات أو   منشورات نشرت على صفحات الفيس بوك .

          وأخيراً وليس بآخراً .. أسأل الله التوفيق والسداد ، و أن يجد القارئ المتعة ، وهو يتصفح ، ويمضي بين سطور الكتاب؛ الذي كتبته برويّة وتؤده ، وتمحيص لكل معلومة فيه ، بعد تنقيب وبحث يستحق التدوين ، في وجة نظري الشخصية فحسب .                   

        وأهدي هذا الكتاب لكل أبناء وطني وموطني ، أصدقائي وزملائي وأقربائي وأهلي  من أبناء مدينتي العامرية ، أهديه إلى أبناء البادية ، والحضر ، والريف والمدينة  إلى كل المعنيين بتراث الماضي ، والمتطلعين إلى نور المستقبل .                                          

 الفصل الأول.

ما أصل تسمية العامرية؟! ومن الذي أسسها ؟ وما هو إسمها القديم ؟        

أصل تسميتها العامرية:

             شغلتُ غيرَ مرة ، وألح علي خاطري ، فأبي إلا الإلحاح ، عن سبب تسمية العامرية بهذا الإسم ، وما كنه هذا الإسم ، ولما هذا الإسم بالتحديد ، فاخذت أبحث على غير هدي، ملتمساً الجواب عند أهل العامرية القدامى ، فوجدت أكثرهم لا يعللون الإسم ، ويقولون هكذا وجدنا الإسم ، ووجدنا آبائنا على تلك التسمية و إنا على آثارهم مقتدون .                                                      وكذلك وجدت فريقاً آخر يطلق لخاطره العنان ، فيذكرون أسباباً ، يفندها المنطق والواقع ، والعلم تارة ، وتبعث على الضحك والدعابة تارة أخرى.   

        فمنهم من قال ، انها نسبةً إلى ( ليلى بنت عامر بن الملوح )  ابنة عم الشاعر قيس بن الملوح ، الشهيرة بليلى العامرية ، محبوبة قيس وصاحبته  وسبب جنونه  ، ومنهم من إبتدع قبيلة تدعى بني عامر ، وألحقها بنسب العديد من القبائل العربية دون تثبت أو  تحقق والعجيب أننا لا نعرف قبيلة أشتهرت بهذا الإسم في أو لاد علي بإقليم مريوط ، وإن كثر إسم (عامر) بين بطونها وأفخاذها.  

        وفريق آخر ؛ ذكروا لي إسمها الأول  أو  القديم ، وقد عرفوه بالتسامع ، دون تأصيل له ، ومنهم السيد الوالد ، فيما سمع عن جدي ـ رحمه الله ـ وعن مشايخ البادية قديماً ، أن العامرية كانت تسمى قديماً  (بالقارّة) ، قبل ان تسمى العامرية .

 
         ومنهم من ذهب مذهب آخر فركب متن الشطط وقال: أن تسمية العامرية نسبة للمشير عبدالحكيم عامر ـ حيث انه كانت له فيلا بها ومسكناً ، كما أن الناصرية نسبة إلى عبدالناصر ، ولكن هذا القول مردود تماماً ـ لان تسمية العامرية قديمة ، و موغلة في القدم ـ وهي من قبل ثورة يوليو ، بل والأحرى أنها حتى من قبل ايام الملك فاروق .    
                                                   

مشقة وعناء البحث ، وإنشاد الضالة:


             ولكن بالبحث والتنقيب عن أصل التسمية ، وبعد جهدٍ جهيد ، وجدت ضالتي ، وودت أن أعرض هذه المعلومات القيمة من ثراث العامرية بين يديكم ، تاركاً لكم الحكم على الأمر برمته ، في عرض بسيط ، وإيجاز دون إسهاب أو  إطناب.


              ولقد عنيت بالبحث عن أصل التسمية ، وكل ما يخص مدينتنا المحبوبة ، فبحثت عن الخرائط القديمة للعامرية ـ وهي خرائط ترجع للحكم العثماني ، وأيام حكم محمد علي باشا ـالأسرة العلوية ـ وسافرت إلى القاهرة ، وأطلعت على الخرائط ـ بمناسبة عملي بالمحاماة ـ لهيئة الأملاك المستردة، هناك حيث التاريخ في لفافات وقراطيس.

لماذا نعتت بالعامرية؟:                                                           

            يذكر التاريخ أن هناك إقليم قديم ، يسمى بإقليم (ماريوت) ، كان إقليماً في وصفه ، كوصف سبأ ، بلدة طيبة ورب غفور ، بها بحيرة من ماءٍ غير آسن ، عذبة المنهل ، بها جنان من العنب ، ويزرع بها القمح والشعير ، ويكثر بها الماشية والأغنام ، والرعاة من البدو المزارعين ، ومريوط هو ذلك الإقليم الممتد من غرب الإسكندرية حتى مطروح وسيوة وصولاً في الصحراء الغربية لإقليم برقة إلى ليبيا .

          ظلت بها ( بحيرة مريوط ) موردًا عذبًا إلى أيام الحملة الفرنسية منذ مئات السنين ، ثم أطلق عليها الإنجليز لسانًا من ماء البحر، كتدبيرٍ عسكري استراتيجي مقصود ،حينئذ، (حيث كانوا ينتوون إقامة معسكرات وثكنات في هذا الإقليم ) ، ولكن أصبح الملح موردًا من موارد البحيرة، بفعلتهم النكراء ، و استفادت به البلاد فيما بعد. فيما عرف بعد ذلك بملاحات الإسكندرية .

        وقد زارها الرحالون في منتصف القرن التاسع عشر فوصفوها بالجدب الشديد وندرة النبات والحيوان حينها ، وقد دونوا ذلك في كتبهم .

من الذي اسسها؟:

               أسسها سعيد باشا وهو : والي مصر من سلالة الأسرة العلوية ـ كان الابن الرابع لمحمد علي باشا ـ تولى الحكم من( 24 يوليو 1854 إلى 18 يناير 1863 ) تحت حكم الدولة العثمانية ، و تزوج من إنجي هانم ، وملك بر هانم و أنجب محمد طوسون و احمد شربف باشا .

ما إسمها قديماً؟

     فأنشأ سعيد باشا البلدة المشهورة الآن باسم ( العامرية) ، وسماها «برنجي مريوط»؛ أي مريوط الأولى ، وكان اسمها قبل ذلك (الغيط أو  القارة )  .                

           وكانوا يطلقون البدو عليها ، الكارة ، فيبدلون القاف(كافاً ) وكانوا يسمونها الغيط ؛ نسبة إلى غيط العنب ، أو  حقول العنب المنتشرة وقتئذ في ربوعها قديماً ، وقيل عن معنى القارة ؛ أي الأرض القاحلة الجدباء ، أو  الصحراء أو  الأرض التي أصابها الجدب والقحل بعد الإثمار .                                          

           وكانوا يطلقون البدو عليها ، الكارة ، فيبدلون القاف(كافاً ) وكانوا يسمونها الغيط ؛ نسبة إلى غيط العنب ، أو  حقول العنب المنتشرة وقتئذ في ربوعها قديماً ، وقيل عن معنى القارة ؛ أي الأرض القاحلة الجدباء ، أو  الصحراء أو  الأرض التي أصابها الجدب والقحل بعد الإثمار .                                          

            فتقع العامرية على بعد عشرين كيلو متراً غرب الإسكندرية وإلى الجنوب الغربي من بحيرة مريوط الممتدة وراء ظهر الإسكندرية ، ويمر أمامها الخط الحديدي الصاعد غرباً الى السلوم .وعرفت أيام محمد علي باشا بإسم (كنج عثمان) وكنج عثمان نفسه كان أمير الضيافة عند الوالي . ولكن الإسم غير موثق لأن كنج تعني بالتركية (شاب) ، وكيف تسمى منطقة بإسم شخص غير أفراد الأسرة العلوية . وهذا أيضاً قول من أقاويل سردت في أسباب تسمية العامرية.
                                     
           وفي عهد سعيد باشا حملت اسم برنجي مريوط . هذا يفسر اسم البلدة الصغيرة كنجي مريوط أي مريوط الثانية ؛ وهي ضاحية تشتهر بطواحين الهواء ، هواؤها جاف طوال العام ، فهي مشتى ومصيف معاً ومنتجع صحي ، انها تقع في نفس زمام العامرية وخاضعة ادارياً لها .لها جو ساحر عجيب ، تدور الطواحين لتصعد بالماء النقي المحبوس منذ ملايين السنين ليروي مزارع الزيتون واللوز والعنب والرمان ساعتئذ ، لكنها العامرية على العكس من ضاحيتها الجميلة ، كانت مدينة طاردة للسكان لأنها نائية وبعيدة عن العمران ، كانت العامرية سوق كبير يلتقي فيه ابناء الصحراء بأبناء الدلتا القادمين عبر الاسكندرية ومحافظة البحيرة.
        و ربما حملت العامرية اسمها من مرور قبائل ربيعة بن عامر ، وهلال بن عامرعليها في طريقها الى المغرب ، ثم أهمل الإسم حتى قفز الى الأذهان في عهد الخديو عباس حلمي ، وربما يكون اسمها من تدخل الدولة في حركة العمران ، وهذا هو الأرجح. ماوراء الكتابة تجربتي مع الإبداع ابراهيم عبدالمجيدماوراء ماوراء الكتابة تجربتي مع الإبداع ابراهيم عبدالمجيدماوراء

         والجدير بالذكر أن تسميات الاتراك لإقليم مريوط برنجي مريوط ،أو  مريوط الأولى  ، وهي العامرية ، وثانيها ، إيكنجي مريوط ، وهي مريوط الثانية ، والمعروفة فيما بيننا( بالكنجي) ، وشنجي مريوط ، وهي مريوط الثالثة ،وجميعها كلمات وألفاظ تركية تحمل معنى العدد والتمييز .                                                    

       وقد بحثت عن الخرائط القديمة للعامرية ـ وهي خرائط ترجع للحكم العثماني ، وأيام حكم محمد علي باشا ، وسافرت بالفعل إلى القاهرة ، وأطلعت على الخرائط ـ بمناسبة عملي بالمحاماة ـ لهيئة الاملاك المستردة ، أو  الإدارة العامة للأملاك المستردة بالقاهرة الواقعة بميدان لاظوغلي .


        وعلى مايبدو أن سعيد باشا حينما سماها العامرية ، نسبة إلى العامرية ، أو  المعمورة ، من الفعل (عَمَرَ ) تيمناً بإعمارها وعودة الحياة والناس بها ،  فكما نعلم آنفاً ان الأسرة العلوية كانت تخلع إسماء أمرائها وملوكها على أشياء معينة ، ومشروعات ضخمة ، أو  شوارع  ، كالمحمودية نسبة إلى محمود باشا ، والتوفيقية ، والإسماعيلية  وهلم جر.        

                                                                                        

        ومهما يكن من أمر تلك التسمية ،فإن من الجدير بالذكر أنه  أطلق عليها اسم العامرية في عهد الخديوِ عباس الثاني، ومزارع الخاصة الملكية فيها ، وانشأ فيها أول  خط سكة حديد يربط بين الإسكندرية والقاهرة. وكانت بها( بحيرة مريوط ) موردًا عذبًا للشاربين والزارعين إلى أيام الحملة الفرنسية منذ مئات السنين ثم أطلق عليها الإنجليز لسانًا من ماء البحر، كتدبيرٍ عسكري استراتيجي مقصود ، حينئذ، ولكن أصبح الملح موردًا من موارد البحيرة، بفعلتهم النكراء ، واستفاد به بعض أبناء البلاد. وقد زارها الرحالون في منتصف القرن التاسع عشر فوصفوها بالجدب الشديد وندرة النبات والحيوان.

أول خط سكة حديد :

أول من أنشأه عباس حلمي الأول  واتمه سعيد باشا رحمه الله . بداية ،فكر الألمان في ربط ميناء طبرق بميناء الاسكندرية بخط حديدي. ولكن الغزو الايطالي لم يسمح لألمان بتحقيق مشروعهم هذا. وبعد الغزو الايطالي تجدد التفكير في تنفيذ هذا المشروع بطريقة أخرى.  


            وفي اثناء الحرب العالمية الثانية قامت القوات البريطانية وحلفاؤها بمد خط السكة الحديدية المصرية التي كانت تصل مدينة الاسكندرية ببلد مرسى مطروح إلى مدينة طبرق في ليبيا كان على هذا القطار بعد أن يصل إلى محطة كفر الدوار أن يتجه نحو الشمال الغربي إلى بلدة العامرية بالصحراء الغربية دون المرور على بقية المحطات الأخرى التي تقوم فيما بين كفر الدوار ومدينة الاسكندرية ومنها إلى العامرية.


             وأخيراً ولست بآخراً .. أن من يبحث في تاريخها يجد الكثير من القصص والحكايات ، وأجمل ما في الامر ـ انك تجد من يحيك القصص الخيالية ،على نسق ، عن العامرية ، ويرسلها فتنتشر كمجرى النار في الهشيم ، التي كانت بمثابة عقاب كئود ، أفندها واحدة تلو اختها ، مما انهكني في البحث ،ولست أدرى من الذي كان يروج لهذه المعلومات المغلوطة ، في زمنٍ ، ندرت به وسائل الإعلام حينها، ولكن شاء الله ، وساقني القدر أن أتعرض لها في هذا الكتاب.                                

 الفصل الثاني.

العامرية .. واماكن لها تاريخ.

              لاحظت أماكن مررنا عليها مر الكرام ، ظاهرة بادية ، لمساكن قديمة وآثار وبقايا حياة ، كانت عامرة بأناس في يوم من الأيام ، يعيشون وياكلون ، ويمرون على نفس الارض ـ وتطئ اقدامهم البالية موطئنا كذلك. ولبقايا معسكرات ، لازال الكثير من سكان العامرية يتوهمون انها حديثة.  

بقايا مقابر وآثار يونانية أو  رومانية:

     وهذه المقابر يحكى انها كانت متبدية للعيان ، في منطقة بالقرب من( المنطقة الحرة بالعامرية ) ، وظلت قابعة حتى الامس القريب ، ومكان لآبار وبيوت وأعمدة ،  يعتقد انها تعود للعصر اليوناني البطلمي،   

نقطة الهجانة:  

            وأوصى بها حينها نائب الصحراء الغربية ، السيد عباس العقاد، بأن تقوم جماعة قليلة بالحراسة ، نقطة للهجانة وهي إلى الآن موجودة ، ونعرف بنقطة الهجانة ، ثم سمي المكان فيما بعد بعزبة الهجانة وهي التسمية الحالية.

وكان هدفها تامين المناطق العسكرية للإنجليز ، من القوات السودانية المصريةآنذاك ، وهي القوات التي تستخدم الهجن ـ والمعروفة بالهجانة ـ أو سلاح الهجانة.

معسكر الإنجليز :

        كما أنها كانت موقع إستراتيجي ، للقوات الإنجليزية حينذاك، ويوجد حتى وقتنا هذا ( فهناك (مسبح ) مصصم على الطراز الأو روبي ، من الآجر والإسمنت ( حمام سباحة للقوات الإنجليزية ، وبقايا معسكر ، ومكانه ( مركز شباب العامرية ) لازال موجود حتى وقتنا هذا ، ويقال ان كانت منطقة عسكرية ، ومستودعات ومخازن للمؤن والاطعمة وقتذاك للقوات البريطانية ، بالعامرية ، ومكان ( وحدة القوات البحرية وضباط الصف ) الحالية.

مدرسة العامرية الإبتدائية  

            يقال _ والعهدة على الرأو ي _ أن أدوارها العلوية شهدت إجتماعات سرية  لتنظيم الضباط الأحرار ، ليلاً ،  أثناء حكم الملك فاروق ،  وقبيل إندلاع ثورة يوليو ، بقيادة البكباشي جمال عبدالناصر ، و انور السادات ،و صلاح سالم وزكريا محيي الدين ، و حسين الشافعي ،وعبد اللطيف البغدادي وأغلب  أعضاء التنظيم ، حينها والمعروف بمجلس قيادة الثورة فيما بعد.  

المستعمرة (مستعمرة الجذام):

هذا المكان الذي بناه وشيده الإنجليز ،  بالطوب الأبيض ، كمستعمرة إنجليزية ، ولازالت المباني موجوده ، باقية تليدة عتيقة ، حتى يومنا هذا ، والمنطقة معروفة (بالمستعمرة ) ، ولها مدخل عى طريق مصر الإسكندرية الصحراوي ، وبها الأن مستشفى مستعمرة الجذام 

طريق مصر الإسكندرية الصحراوي  

        ذلك الطريق الذي يمر بقلب العامرية ، وهو المعبر الذي يمر به القاصي مع الداني عليه ، فلا يستطيع مسافراً أن يأتي للاسكندرية دون أن يردها ، شئ عام  وانشأته شركة شل  عام 1935م ., وكان عبارة عن مدق  بطريقة الأحجار مثبت بمادة البيتومين  بعرض ستة أمتار.

الغابة :

        كانت بها يجتمع  القوات العربية اليمنية أو  الجزائرية أو  السودانية من شتى الجنسيات والاجناس ، المشاركة للقوات المصرية بحرب أكتوبر المجيدة ـ فيتخذون هذا المكان الرائع ، متنزهاً للإستجمام به  ،حيث في وكانت تملؤها الأشجار الغناء ، والزهور العابقة المورقة ، وبها النخل الباسقات 

ثم حلت محلها ، قرية الاطفال ، (s.o.s) التي افتتحتها السيدة جيهان السادات قرينة الرئيس الراحل انور السادات ، ومعروفة بينأهل العامرية بقرية جيهان ، نسبة للسيدة جيهان السادات.

فيللا عبدالحكيم عامر

          وهي فيللا لازالت موجودة بمنطقة ، إيكنج مريوط ،كانت خاصة كإستراحه للسيد المشير آنذاك ، ومعه الممثلة أو  زوجنه ( برلنتي عبدالحميد) التى كانت مع خلاف دائم معه ، وقامت بتحرير محاضر في قسم العامرية ضده ، ولازالت الفيلا قائمة في ربوع الكنجي. وهذه الاحداث لم تكن منذ امدٍ بعيد ، ولكن كانت في الستينيات المنصرمة. 

 

 

 

 

 

 

 الفصل الثالث

العملاق الأديب عباس محمود العقاد .. والعامرية.


             قد يكون العنوان الذي إستفتحت به مقالي هذا ، غريب على إخوتي أهل العامرية، إذ لا يستسيغون إرتباط إسم مثل هذا العملاق ، بمدينتهم العامرية ، فهو صعيدي المولد ، والمنشأ ، ولد بأقصى صعيد مصر ،أديب أريب ، عُني بالأدب وقضاياه ، وماعسى ان تكون هذه العلاقة؟! ، ومن  عسى ان يكون من البارزين ، ومن الأعلام إرتبط إسمه بها كذلك ؟!  ثم انى له أن يرتبط بالعامرية ؟! ، وما علاقته بها أصلاً، ولكن هذا هو الواقع ، وهذه هي الحقيقة.

 
             فقد كان العقاد ممارساً للحياة السياسية ، وكان نائباً بارعاً ، وشاء القدر ان يكون نائباً في مجلس النواب عام 1936 عن الصحراء الغربية بأسرها ، ففازت العامرية بهذه القامة والهامة الشماء.

          وقد كتب عن ذلك في كتبه ، ومقالاته ، ناشراً أفكاره النيره ، السابقة لزمانها ، لنراها وقعاً ملموساً فيما بعد ، وفي وقتنا الحالي .

  العقاد .. يدعوا لبعض الإصلاحات الشاملة بإقليم مريوط:  

                  فيتناول  الأستاذ عباس العقاد ، في مقاله ، مشروعات الإصلاح التي ستعود بالنفع على الإقليم من شرقه إلى غربه ، وقد حددها في مشروعين رئيسين ، وضحهما كأوضح مايكون في مقالٍ له كتبه حينما كان نائباً في البرلمان المصري.

                 والحقيقة يا إخواني.. هذا الرجل بنظرته الثاقبة ، بالفعل هذان المشروعان ، تم تنفيذهما فيما بعد ، ولكن بآلية مختلفة ، مما يؤكد إحترام الدولة لعقليته ، وفكره ، إذ انه قد كتب ذلك المقال في ثلاثينيات القرن الماضي ، وقد أخذ في إعتبار الدولة فيما بعد .

 
 وقد حددها في مشروعين رئيسين : فيذكر ذلك قائلاً:

          اما النوع الأول: لا خلاف فيه، و(هو ترميم الآبار الرومانية المهجورة)، وإنشاء طواحين الهواء، وتوزيع الأرض حولها على قدر طاقة الزرَّاع من أهل البادية واستعدادهم للصبر والمثابرة، وتقل الصعوبة كثيرًا في سيوة؛ حيث تتوافر العيون والأرض الصالحة للأشجار والأعشاب، ولا يعوزها إلا الطريق التي تيسِّر وصول الفاكهة والثمار إلى الشواطئ والبلاد الخارجية.

         والنوع الثاني: عليه خلاف بين المهندسين والمختصِّين من رجال الري والإدارة؛ فمنهم من يرى (إمكان مد الترعة النوبارية إلى جنوب العامرية ) واستصلاح اثنيْ عشر ألف فدان بهذه الوسيلة.

            ومنهم من يجزم باستعصاء هذه الوسيلة لأسباب فنية، ويشير في الوقت نفسه بمشروع آخر واسع النطاق يقول إنه مضمون النتيجة، وإنه يستصلح نصف مليون فدان تُزرَع كرومًا رملية ونخلًا وخروعًا وغابات وأزهارًا برية وثمارًا مختلفة .

وخلاصة هذا المشروع، كما شرحه لي صاحبه (الأستاذ الشفسكي) في بلدة العامرية   :

                أن تقام آلات رافعة على علو اثنين وعشرين مترًا، ترفع الماء إلى قناة تمتدُّ من الفرع الغربي للنيل، وأن تستقي هذه القناة من ماء النيل مائة وخمسين يومًا؛ فلا تستنفد إلا نحو خمسة في المائة من مليارات الأمتار المكعبة التي تتدفق إلى البحر من فرع رشيد على غير جدوى، وحسبي الإشارة في هذا الصدد إلى المشروع المشار إليه ليلقى نصيبه من دراسة المعنيين بهذه المشروعات، فليس في وسعي هنا تفصيله والحكم على مبلغ السهولة والصعوبة فيه .

          ولكن كانت الفكرة محل خلاف ويذكر ذلك في مقاله عن العامرية والصحراء الغربية ، فيذكر العقاد ذلك قائلاً:"

          "  في الصحراء الغربية تعبيد طرق وبناء ثكنات وحركة بيع وشراء، يستدعيها تكاثر الجنود والعمال هناك، فإذا تكفلت الحكومة بحماية العرب من المحتالين والمستغلين الذين يحرمونهم نصيبهم في هذه الأرزاق، فالنفع الذي يصيبونه منها غير قليل، وإن كان التعويل على أمثال هذه الموارد لا يدوم إلى زمن طويل.

 يدعو لتوفير فرص عمل لأبناء البادية ، وتجنيدهم لسلاح الهجانة :

              فيقول العقاد :" لكن الذي يدوم إلى زمن طويل ويعود نفعه على العرب وعلى الحكومة وعلى الأمة المصرية بأسرها في وقت واحد، هو إشراك العرب في حركة التجنيد والدفاع، وإنما يكون ذلك على خير الوجوه بإنشاء فرقة كبيرة للهجانة يتطوَّعون فيها على الطريقة التي ألِفوها واستراحوا إليها في فرق الحراسة الصغيرة، وبهذه الوسيلة نكفل العمل لعشرين ألفًا من أبناء البادية الأشداء، ونكفل السهر على حدودنا الغربية، ونطمئنُّ إلى هذه الرقابة التي يقوم بها أناس يعرفون كل شبر وكل منفذ وكل مورد ماء في شعاب الصحراء.

ويشدد في نهاية مقاله عن الصحراء الغربية ، ولا سيما العامرية فيقول :  

  " وخلاصة القول: أن العناية بالصحراء الغربية واجبة حقَّ الوجوب، وأنها عناية لا يكثر عليها إنجاز هذه المقترحات أو  هذه الضرورات التي قلما تقبل الإرجاء والإمهال، وحسبنا أملًا في نجاحها وتوفيقها أنها مشمولة برعاية المسئولين.

            هكذا رأينا العملاق عباس محمود العقاد ، وعلاقته بالعامرية ، وتوقت شوقاً ، لأن اعرض هذا التاريخ ، وهذه السطور عليكم ، والقيها على مسامعكم ، لنعيد إلينا صورة مطوية عنا ، فيها ماضينا الجميل ، ماضي العامرية ..وأيامها.  

 

 

الفصل الرابع

العامرية، تاريخ في صور.

 
          عجيبة هي العامرية .. لاحظت وأنا أقلب الصور في هذا الأرشيف أنه مجتمع مستنير إلى حدٍ كبير متفتح بعض الشيئ ..شبابه متطلعون رياضيون ، ومثقفون ، يرتادون المدارس ، ويلتقطون الصور التذكارية ، اغلبها ألتقطت إما في المدارس ، أو  مراكز الشباب ، أو  في الرحلات .

           يحاولون أن يحصلوا التعليم ، فلا أجد صورةً ، إلا كان محلها إما في مراكز الشباب كالساحة بالعامرية _ تلك الساحة التي نشئ عليها وتربي جميع شباب العامرية ، وكانوا يتبارون مع أبناء ضواحي ومراكز العامرية كمنطقة عرابي والكينج _ أو  في المدارس العامة ، أو  الرحلات الترفيهية ، أو  في الاسواق .. كسوق العامرية أو  سوق الثلاثاء ، وسوق الغنم .
            وقد سبقني غير واحد من ابناء العامرية المخلصين ، من قبائل السننة ، ومن سبط القطيفة ، إلى إنشاء صفحة على صفحات الفيس بوك ، تدون وتأرشف ، صور التقطت القديم من الذكريات ، للعامرية ،ونواحيها،ولأبنائها.


           لذلك أقترحت عليهم ، بحس ٍ فني لاغير ، انه لا بد أن يصاحب الصور _من وجهة نظري _ حكاية حال الصورة ، من أخوتي مسئولي الصفحة ـ حتى يعلم الجيل الجديد تاريخ العامرية ، والحقيقة لم يألون جهداً في ذلك ، وها نحن نتعاون سوياً .
         فأبت نفسي إلا ان أضيف بعض الخواطر ـ و تحليل للمجتمع الذي انتمي إليه ، من جماع ما سمعت من والدي الأستاذ ربيع الشلوي المحامي ، ومن أهل العامرية القدامى ، عن العامرية قديماً ، الذين رسموا لي صورة خيالية عن ذاك المجتمع ، صدقتها الصور .
  شباب واع .. بإمكانيات ضئيلة.
والعجيب ان هؤلاء الشباب هم فيما بعد من إضطلعوا بالدور السياسي ، فيما بعد ، وخاضوا غماره ، وتولوا كبره.  

ذلك المجتمع رغم فقره .. أو  بساطة حاله ، إلا ان جميع أفراده كانوا يعيشون في سعادة ، وهناء، لاشيئ إلا لأنهم كانوا سواسية، فلا تجد ثرياً ثراءاً فاحشاً ، في حين أن هنالك فقراً مدقعاً، في نفس المجتمع .

مجتمع بلا عصبية .


فلا تسيطر عليه القبلية العمياء أو  العصبية على أبنائه ، فتجد التفرقة على أساس المناطق والضواحي ، لا القبائل أو  الاعراق ..فتجد أبناء عزبة المركز ،واخرى عزبة التمير ،وثالثة المغاربةواخرى علوة وازن.

        فابناء الصعيد إنخرطوا في بنيانه ،، وتمازجوا وذابوا في نسيج العامرية ، وكذلك أبناء القرى المجأو رة من توطنوا في العامرية ، وصاروا من اهلها ، وشاركوا في تاريخها.

             فأبنائه لهم هوية .. فإن تجد الشباب برتدون الثياب الحضرية السبعينية التصميم كانت أو  قبل ذلك ، ولكن مع المحافظة على الزي البدوي ، والثوب والجلباب .

            إن كان مجتمعاً منغلقاً بعض الشيء إلا انه أعطى أبنائه بسطة في الأفق فترى أغلبهم بتطلع للسفر للبلدان العربية ، كالجماهيرية الليبية والاردن والعراق .. ، ومع إختلاف العرقيات تجد ان فيهم من يأتوا بشتى انواع الثقافات الاخرى،ومن ألوان الثياب ـ كالمغاربة ـ الذين نقلوا للعامرية خير ما كان في ليبيا آنذاك ، من حلو الثياب ، وألوان الطعام ، و الشراب .

الأقباط ينعمون في خير العامرية .. ولا تعصب.

          فتجد أطباء العامرية القدامى أقباط ، وأرباب محلات الذهب والمجوهرات ، وبعض المدرسين الذين كانوا يضربون أكباد الإبل ليصلوا للعامرية بالقطار أو  السيارات الاجرة ، بل مما يدعوا للعجب والضحك،أن أطباء العامرية من الأقباط كانوا لا يتحدثون إلا باللهجة البدوية .على سبيل الدعابة .

مجتمع تحكمة العادات والتقاليد ، متدين بطبعه.

             لم تكن السلفية أو  الدعوة السلفية وقتئذ، أنتشرت كيومنا هذا .. بل كانت العامرية مجتمع هادئ ، ينتشر فيه القليل من الصوفية ، والمشايخ تلك الطرق كسيدي الحسن ، وغيره من المشايخ ، فتنتشر مراسم النذور والذبح للمشايخ ، وزيارة الأضرحة ، والحلف بكرامات الأو لياء ..وغيره من مظاهر التصوف ، ولكن عن غير علم .. وبحسن نية ..فقد ورثوها كعادات كابر عن كابر ، وكانت الدعوة السلفية ودورها في محو الكثير من العادات ، بفضل الرعيل الأول  من مشايخنا وخؤولاتنا ،كالشيخ شريف الهواري ، والشيخ (سمهود)  رحمه الله ، والشيخ محمد عمران ،وغيرهم .  

العامرية مجتمع هادئ أمنياً .

           كانت القبائل على إختلاف بطونها وأفخاذها تقيم للشرطة أو  الداخلية وزناً وتهاب جناب الحكومة ، وكانت يتوسط العامرية (المركز) قسم شرطة العامرية (جغرافياً) فيحكم قبضته وسيطرته على كافة أنحاء وضواحي العامرية المترامية الأطراف.
  
          فالقسم به العديد من رجال الشرطة والصولات وخفر الدرك ،ومشايخ الحارة من القبائل نفسها  ورغم ذلك لا نفوذ لهم بداخل القسم ،يضطلعون بأمور أهل العامرية ، سواء المدنية أو  الجنائية.

           فلا إنتشار للسلاح ـ أو  المخدرات، ـ كما نحن عليه الآن _ أو  البؤر الإجراميةكالعشوائية الموجودة في بعض ناطقها ، من المناطق الشعبية ،ودون تعميم ، والتي دوماً ما يظهر بها القليل من عتاة المجرمين ..ولكن سرعان ما تلفظهم العامرية، وتسطر نهايتهم نهايات مأساوية .

  العمدة ..أو  شيخ القبيلة :

           يظهر في كل قبيلة عميد أو  عمدة ، يسيطر على مقاليد الأمور ، يهابونه أفراد القبيلة ، ويأتمرون بأمره   ويقوي أو اصر الصلة بين القبيلة واختها ، فلا تناحر أو  خلافات بين أبتاء القبائل ، وليست القبيلة نفسها.


إنعدام الإمكانيات الإعلامية..أو  الميديا .

           فوسيلة التثقيف الوحيدة كانت هي الراديو ، ولا يوجد سوى تلفاز واحد ، يجتمع الشباب حوله ويلتفون ليشاهدوا مباريات للدوري المصري فحسب ، في نادي نهضة العامرية ، أو  أفلام وحش الشاشة ، الممثل فريد شوقي معشوق الشباب حينئذٍ، ليحاكوا بعدها أحداث الفيلم بحذافيرها واقعاً مريراً ، بين صبية عزبة التمير وصبية العزب الاخرى ،في مشاجرات طفولية عبثية مضحكة.

  العامرية ،مجتمع إقتصادي .

                فتجد أنه مركز رواج البضائع والخضروات والماشية أو  السعي ، والدواجن أو  الطير ، فبها سوق الثلاثاء أو  (الوكالة ) ، الذين ياتي إليه الفلاحين من كل حدب وصوب ، ليعرضوا به شتى ألوان البضائع ، وكذلك يحضر من يبتاع تلك البضائع .
  
            فضلاً عن سوق الغنم ، الذي تشد إليه الحال من كافة أنحاء واحياء الإسكندرية ، وينشط في موسم الاضحى ، وسوق العامرية القديم .
 
فينشط على شرف إنعقاد السوق ، ويتكسب الباعة الجائلين من ابناء العامرية ، وأصحاب الحوانيت ، والمطاعم ، و( سائقي العربات الكارو) ،(العربجية) وسيلة المواصلات الوحيدة آنذاك لنقل الياعة والبضائع ، ومرتادي الاسواق ..وقد حل محلها( التوك توك ) الآن .



 الفصل الخامس

وضواحيها ومسمياتها.  حكايات العامرية ..

              كنت قد وعدتكم بتحقيق معانى أسماء الاماكن الشهيرة والعزب ، والنجوع ، في مديتنا (العامرية) ، ومعالجة مسمياتها ، ولكن كانت تنقصني بعض المعلومات ، والتي لن تكتب في كتب بالطبع ، كما أنه من الصعب الحصول عليها إلا بالسؤال والتحري ، و إستجداء أهل العامرية القدامى ، ومحاولة تنقيح ، ما يقال منهم أو  ما يلقى من الكلام على عواهنه .
              فلقد وجدت غير واحدٍ من الرواة من يستقرأ المعنى دون روية أو  تحقيق ، ومنهم من يدعي البطولة ويمجدها ، فينسبها لنفسه وقبيلته زوراً ، فلا يؤخذ من كلامه ما أستقام على الفهم ووافق الحقيقة ، و يرد منه ماخالف الحقيقة ، أو  بالغ في وصفها .
 

        وإليكم أشهر الأماكن في العامرية ، وأشهر الأسماء ، لبقاعها المترامية الاطراف ، من شرقها إلى غربها ، ومن أقصاها إلى أدناها :
 

فمنها : عزبة الهجانة :

وقلنا كما تقدمنا من قبل ، انه كانت بها نقطة لسلاح الهجانة ،منذ أيام الملك فؤاد الأول  ، ولازالت حتى الآن موجودة هذه النقطة ، وكان يزورها الهجانةإلى وقت قريب ، وكانت قديماً تسمى (علوة وازن) والعلوة ، هي المكان المرتفع ، و وازن ؛ نسبة لقبيلة القناشات ، بيت عيت مطراوي .


زاو ية عبدالقادر :

أو  زاوية سيدي الشيخ عبد القادر بن عبد السلام بن عبد الله بن عزالدين بن عثمان بن عزالدين بن عبد الوهاب ).
وهو من مشايخ الطرق الصوفية ، و يمتد نسبه لسيدى عبد السلام الأسمر الصوفي ، ومقامه الشهير الكائن بليبيا ؛ وهو (جد قبيلة أولاد الشيخ) ، و ينسب لفيتور جد قبيلة الفواتير .

          وجميعاً يرجع نسبهم لسيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب ، وبذكر أن أول  نزوله بمصر حل عند الشيخ (عمر الجرارى) ، الذي اكرمه وزموحه إبنته (عزة) ،وبعد زواجة نزل الشيخ عبدالقادر هذه المنطقة اقام بها زاوية لتحفيظ القران الكريم والتعليم الدينى وعرفت الزأو ية بإسمة حتى يومنا هذا ويها مقامه.      

          وقد حدثت بها الواقعة الشهير ـ وهي حادث غرق زأو ية عبدالقادر في التسعينيات ، أو  فيضان الترعة ، في عهد الرئيس مبارك ، وقد زارها الرئيس بنفسه ، وبث اليليفزيون المصري واقعة توبيخ الرئيس مبارك ، لأحد المسئولين ساعتئذ .

عزبة المركز : 

    وتعرف بذلك الإسم قديماً ، و اطلق عليها هذا الإسم نسبة للمركز أو  ( قسم الشرطة ) ، فجميع الشوارع    والضواحي المجأو رة ، تسمى عزبة المركز ـ وهي ممتدة حتى الوكالة أو  سوق الثلاثاء قبلي .  


عزبة التمير:

و أصل الإسم ، على خلاف ، أنها منطقة كانت بها قديماً نبات أو  ثمرة ، منتشر بشكل تلقائي ، التمير ـ والتمير (تصغير ) كلمة تمر ، وهو إسم يطلقونة البدو ـ على نبته أو  ثمرة تخرج ، رباني ، دون تدخل اليشر ، وكان ينتشر بها هذه النبتة ، ومعروفة فيما بعد بعزبة الشوالحة ، وقد توطن بها العديد من بطون وافخاذ البادية والعرب ، منهم السمالوس والقناشات والقطيفة والشلاوية    ، منذ القدم .
  

عزبة العراوة :

وهي نسبة إلى بطن من بطون العرب (قبائل السننة) وهم العراوة .

عزبة المغاربة :

     وهذه التسمية نسبة إلى قبائل وعائلات ، جاءت من المغرب العربي، فهم ليس من بطون أو لاد علي ، ولكن هم من الغرب ، جآءوا من ليبيا ، وأستوطنوا وعاشوا وشاركوا في تاريخ العامرية ، فهم لبنة من أساس العامرية ، يرجع لهم الفضل في نقل شتى انواع الثقافات من المغرب العربي .
  عزبة التفتيش :
             وهي عزبة بحري خط السكة الحديد ، خلف المعسكر للقوات المسلحة المصرية ، كانت بها قديماً خيام ـ ومجموعات من البدو الرحل ، نسبة لهم ، وبها التفتيش و هو تفتيش مريوط ، والتفتيش معناة ، التفتيش الزراعي ، وهو مصطلح خغرافي ، معناة المكان الواسع من الافدنة الزراعية ، وهي أسماء منذ ايام الملك ،   وقد توطن بها بطن من بطون العرب وهو عيت اللمدادي .. وهي نسبة إلى بطن من بطون العرب ، وهم العزائم.


نجع رسلان أو  ( نجع مريمي ) :

         نسبة إلى الحاج رسلان القناشي الجد الاكبر لقبيلة القناشات ، واخ الحاج وازن القناشي ، وإليه ترجع تسمية النجع ، بإسمه ، أو  نجع مريمي ، وهو أحد ابنائه أيضاً ، وهو ايضاً يرجع لنسب القبيلة ، ومن افخاذها .

إيكنجي مريوط :  

               والمعروفة فيما بيننا( بالكنجي) ، و كلمة إيكنج ؛ كلمة تركية معناها الثانية ، و بالتركيب مع مريوط ، تعني ( مريوط الثانية ) ،  كما انا قد اسلفنا من قبل ان العامرية ، تسمى (برنجي مريوط) أو  مريوط الأولى  ، وكذلك وشنجي مريوط ، وهي مريوط الثالثة.

           ومن المعروف أن مريوط وبالأخص الكينج ، هي منطقة لأولاد علي ، خاصة قبائل العزائم ، فقد إتخذوه موطناً منذ أمد بعيد .
          ولها تاريخ وباع طويل ، فبها كان يأتي إليها الملك إدريس السنوسي ،ملك ليبيا قديماً، ويقطن بها ، وكان بجعلها مقراً له حين قدومه لمصر.

  نجع ابو الريش : (أو  نجع الشلوية) :  

           وهي نسبة لقبيلة الشلوي ،سميت على إسم المرحوم ابو الريش عبدالسلام المصري ، وهو رجل بلغ من العمر أرذله ، معروف بالصلاح وإغاثة اللهفان ، وقراية الضيف ،  وقبيلة الشلوي هي قبيلتي التي أنتسب إليها ، وكانوا يعيشون على الزراعة على ماء المطر ، بعد الترحال ، وقد إرتحلت القبيلة  إلى ليبيا ، ولاذت بالهرب ، بعد أن أصابها داء الكوليرا ، المنتشر بمصر آنذاك .


       فأتى على أكثر العشيرة من رجال ونساء وشيوخ ،واطفال ورضع ، فمكثوا فيها غير بعيد ،  بعدما كانوا يقطنون مريوط ، أو القارة (العامرية بعد ذلك) ، ففروا إلى البحيرة ومطروح ، منها إلى موطنهم الأم ، ليبيا ، واقاموا في درنة ـ وهي مكان توطنهم حتى الآن ـ  ثم قامت حرب ضروس بين القبائل البدوية في ليبيا حينها ،  منها الحرابي ، والبراعصة فيما بعد ، فأستغاثت قبائل الحرابي بأختها (قبيلة الشلاوية) ، لما يعرف عنهم من شدة البأس ومرارة القتال،وإغاثة الملهوف، فاغاثتهم ، ونشبت بينهم الحرب وبين البراعصة وقبائل اخرى ، ودقوا بينهم عطر منشم ، تلك الحرب التي مات على إثرها أكثر من أربعمائة من فرسان القبيلة ، إلى ان تصالحوا ، وتناسبوا وصارت بينهم مودة وصهراً ، وتعرف هذه المعركة  بغزوة (سد توكرة) ، ويقال انها كانت حرب على الماء ، أو  صراع على مناهل وموارد الماء العذب ،وقد قيل في هذه المعركة شعراً ، لازالت تتناقله الأجيال .

            كما صمدوا في وجه الإحتلال الإيطالي لليبيا ، مع المجاهد البطل ، عمر المختار المنفي ، الذي يرجع  نسبه لقبيلة المنفه ، وقد حصدت هذه الحرب العديد من الشهداء ، من القبيلة نفسها ، منهم المجاهد نوح  بو إسرافيل الشلوي ، ومحمد بو شويعر الشلوي ،  وهناك في ليبا اماكن تسمى بأسمائهم ، منها (نقرة عريف) ، وهي مكان سياحي يطل على البحر كان لعريف جدي الاكبر ، ويقال أيضاً  ان ( منطقة مساعد ) ؛ وهي منطقة حدودية مصرية ليبية ، يرجع تسميتها إلى ( مساعد بو حمد الشلوي ) ، وبها قطن وتوفي .
       اما أبو الريش هذا ،فهو رجل من قبيلة الشلاوية ، يعرف عنه الكرم والشجاعة ، والبطولة ، وقد حكي عنه قصص لازالت يذكرها أبناء قبيلته ، وقبائل العزائم ، أبناء الكينج .

نجع حفيظ :

وهي نسبة إلى بطن من بطون العرب ، وهو الحاج حفيظ بو مطير من عيت مطير.

عزبة ابراهيم بو صالح :


وهو لبطن من بطون العرب وقبائل القناشات ، بيت عيت رسلان .

نجع راف الله:

وهو بطن من بطون قبائل  العزائم .

نجع الحرابي:  

وهي نسبة إلى بطن من بطون العرب وهم الحرابي ، وهي من قبائل العبيدات ، واختها قبيلة الشواعر  والشلاوية

  نجع بو بسيسة:

 وهي نسبة إلى بطن من بطون العرب ، وهم العزائم .عيت ابو بسيسة .

ـــــــ

أرشيف صور العامرية.

 الأديب العملاق عباس محمود العقاد حينما كان نائباً للصحراء الغربية في البرلمان المصري سنة 1936 م (ومنها العامرية دائرة بها) ،في صغره وهو شاباً . وأخرى وهو شيخ كبير .

 خريطة الإسكندرية وبها  رسم توضيحي لحي العامرية يوضح كونه اكير الأحياء مساحةً.

 صورة قديمة لطريق مصر الإسكندرية الصحراوي عند إنشائه .

لأول  خط سكة حديد بمصركان بمدينة العامرية الإسكندرية.

فريق مركز شباب العامرية ، ومديره الكابتن / عاطف مختار .

تم استعانة موقع ويكيبديا الشهير بمعلوماتٍ من كتابنا هذا عن أيام وليالي العامرية وتم التدوين بسبب التسمية وإسمها قديماً وغيرها من المعلومات الفريدة من كتابنا بقلم محمد ربيع الشلوي 







كلمة الكاتب للقراء..

              عزيزي القارئ.. رأيت انه لابد من كتابة وريقات ، تؤرخ هذه الذكريات ، وتدون تلك الاحداث ،فوجدت أكثرهم  يتلهفون أن يعرفوا كل ماهو كان من تاريخها ،ليلموا بحيث لايعلمون من تاريخها ومن أمرها المنصرم ، والحقيقة لقد وجدت ذلك في أغلبهم ، ورأيت وبدافع من المسئولية التثقيفية ـ ليس إلا ـ أن انشر بعض صفحات مطوية ، عن العامرية القديمة ، حتى يستقيم الفهم لدى أبنائها ، ورأيت ان معظمهم من الشباب ، الواعي المثقف ؛ هم لداتي ورفاقي ، ولكن يجهلون تاريخها ، فتاريخها هو جزء لا يتجزا من تاريخ مصر الحديثة .      

            لقد طلب إليّ أن أنشر بعض من هذه القصاصات ، من بعض المعلومات عن العامرية وتاريخها ، بعدما طرحت سؤالاً على أصدقائي على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي ، الفيس بوك ، عن بعض تسآؤلات عن العامرية ؟  أخيراً أسأل الله التوفيق والسداد ، و أن يجد القارئ المتعة ، وهو يتصفح ، ويمضي بين سطور الكتاب؛ الذي كتبته برويّة وتؤده ، وتمحيص لكل معلومة فيه ، بعد تنقيب وبحث يستحق التدوين ، في وجة نظري الشخصية فحسب .  

***

                                                     محمد ربيع الشلوي.  


 

أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
author-img
مُدّون و كاتب وباحث مصري شاب و محام حاصل على الماجستير في الفقـه الإسـلامـي بكليـة الحقوق جامعة الإسكندرية. وباحث بالدكتـوراة في الشريعة الإسلاميــــة والقانون الجنائي ، وموظف بالحكومة المصرية و عضو نقابـة المحامين المصريــة و مؤســـس مــــوقع (معاشي وتأميناتي ) الإجتماعي وكاتـب في العديد من الصحـف المصرية والعربية والدولية .

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. محمد لطفي عبد المبدئ7 يونيو 2022 في 9:11 ص

    شكرا جزيلا استاذنا على هذا التوثيق لرائع فقلما تجد مادة مكتوبة عن العامرية وتاريخها

    ردحذف
  2. السلام عليكم اخي
    قرأت مقالك عن نجع الشلاوية في العامرية ووجدت معلومات جديدة و انا شلوي من طبرق ؛ هل لديك اي معلومات موثوقة او وثائق عن نسب الشلاوية بالضبط لمن يرجعوا ؟ و عن تاريخ خروجهم من وطنهم الام ليبيا و عودتهم و استقرارهم في درنة ؟

    أرجو التواصل عل البريد الالكتروني
    تحياتي zeyadmassoud@yahoo.com

    ردحذف

إرسال تعليق