القائمة الرئيسية

الصفحات

Clickadu


جــامعــة الإسـكندرية
  كليـة الحقــــــوق
  الدراسات العليـــا
  مادة قاعة البحـث :





الشفعـة في الفقه الإسلامي و القانون المدني المصـري
          دراسة تأصيلية  تحليلية  مقارنة


بحث مقدم
للأستاذ الدكتور /   جابر عبدالهادي الشافعي
استاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية
كلية الحقوق – جامعة الإسكندرية




إعداد الباحث

محمـد ربيـع  علـي عريـف

دبلوم الفقه الإسلامي – جامعة الإسكندرية







خريـف
2011



بسم الله الرحمن الرحيم




"   فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ".
سورة الرعد ,الآية رقم (17).






















إهداء إلى أستاذي....
              الأستاذ الدكتور/ جابر عبد الهادي الشافعي.

























المقدمة

إن الحمد لله نحمده و نستعينه  ونستغفره ,والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ,الرحمة المهداة من الله للناس أجمعين , وآله وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم إلى يوم الدين .
ثم أما بعد,,,
لقد كان للقانون المدني المصري قصب السبق بالنسبة لكل القوانين العربية المتأثرة بالفقه الإسلامي ,بل والوحي الذي ألهم التشريعات العربية بالإلتفات للشريعة الإسلامية الغراء , وبدا ذلك واضحاً وبشكل أكبر في الشفعة ,إذ تجد أغلب أحكامه مأخوذة من الفقه الإسلامي على اختلاف مذاهبه.

والمتأمل في التقنين المدني المصري يجد أنها لم تقتصر على مذهب واحد في التقنين , فتارة تعتمد مذهباً معيناً في مسألة ما , وتارة أخرى تلم شتات المسألة المراد تقنينها من مختلف المذاهب الفقهية , وهذا ما يعرف بالتلفيق الفقهي بين المذاهب.

فالتلفيق الفقهي آلية تشريعية تراعي ظروف وتغيرات العصر,وهي فكرة تبلورت في عقولنا خلال دراستنا لها علي يد صاحبها أستاذنا الدكتور جابر عبدالهادي الشافعي, وذلك في قوانين الأحوال الشخصية , وبالتعرض والنظر وجدنا أن المشرع المصري قد اخذ بفكرة التلفيق في مجال القوانين الأخرى ,لا سيما القانون المدني ؛ الذي استمد بعض النظريات والأحكام وصاغها في شكل نصوص قانونية متبعاً فيها فكرة التلفيق, وهذا ما سنراه جلياً في الشفعة.

ونرى هذا جلياً في القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948م ,فترى من المعروف وحسب مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني فترى أن هذا القانون استمدت أحكامه من عدة مصادر من ضمنها الشريعة الإسلامية, وترى فكرة التلفيق موجودة سواء على مستوى النظم المستمد منها القانون أم على مستوى المسائل التي أخذها من الفقه الإسلامي.
ومن النظريات والأحكام التي صاغها في شكل نصوص قانونية متبعاً فيها فكرة التلفيق هي الشفعة والذي تم تقنينه في القانون المدني من عدة مذاهب ,فتارة يعتمد المذهب الحنفي وتارة أخرى يأخذ بالمذاهب الأخرى وفي كثير من الأحيان تراه يوفق بين الفقه والمبادئ العامة للقانون والقوانين الغربية .

ولاحظت انتشار الصورة الثانية من التلفيق ؛ وهي أكثر أنواع التلفيق وقوعاً وشيوعا في المجال القانوني والتشريعي , ونجدها جلية في القانون المدني المصري خاصة في باب الشفعة .

أسباب اختيار الموضوع:

إن الناظر المدقق في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء يكاد يوقن بأن أحكامها إنما شرعت برعاية لمصالح الناس وإصلاحا لشأنهم ورفعا للحرج عنهم كما أنها شرعت لجلب المنافع ودرأ المفاسد

فالغالبية العظمى من الناس يلاحظ أن الواحد منهم يتعرض في حياته إلى بيع جاره مسكنه أو شريكه حصته لمشتر جديد ما يترتب عليه حدوث الضيق والمشقة والحرج للجار أو الشريك القديم فشاءت إرادة الشارع أن يزيل الضيق وأن يرفع المشقة ويمنع الحرج، فأقر الشفعة وأباح العمل بموجبها.
نظراً لأهمية نظام الشفعة وحكمته المبتغاه , والذي اقتبسته النظم الغربية ,لا سيما الأوروبية ,كالتشريع الإسباني والألماني.
ولتفعيل فكرة التلفيق الفقهي بين المذاهب المختلفة في تطوير النظريات والأحكام القانونية,وهي بحق آلية تشريعية جيدة  تستخدم توطئة لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على جميع القوانين .

الأهمية العلمية والعملية للموضوع:

نظراً لما في نظام الشفعة من أهمية عملية في حياتنا اليومية , ولتعلقها بحق الملكية فإن عناية الشارع بالشفعة ورعايته لها لم تأت من فراغ وإنما أتت بالنظر لحاجة الكثير من الناس إليها.

لاتخل الشفعة من فائدة ,من خلال حكمتها ومقصد الشارع من تطبيقها ؛ من  دفع ضرر المجاورة أو الاشتراك في الملك ,و من منع تجزئة العقارات وبيعها لغير الجار والشريك وجمع ما تفرق من حق الملكية ,عن طريق الأخذ بالشفعة .
 ونظراً لما في نظام الشفعة من أهمية في حياتنا العملية , ولتعلقها بحق الملكية ,وما يتصل به من حقوق , وما يترتب عليه من مشكلات اجتماعية تقوض بناء المجتمع إن لم يكن لها تشريع محكم  ومعاصر يئد تلك المشاكل في مهدها .

كما في تبيين التطور التشريعي وتوضيح كيفية تناول المشرع وتطبيقه للمذاهب الفقهية الإسلامية في التقنين عظيم الفائدة ,فتتبين عظمة وشمول الفقه الإسلامي , وصنعة الفقه في تناول المسائل الفقهية ,واستجلاء مدى عمق فهم  المشرع على تخير المذهب الذي يتناسب مع ظروف الفترة الزمنية التي تمر بها بلده . دون استيراد لتشريعات غربية ناقصة وعاجزة على مواكبة العصر وتحدياته.

 لذلك وجدت نفسي راغباً في الكتابة – وبتوجيه من أستاذنا الدكتور جابر عبدالهادي الشافعي- في هذه الجزئية من فروع الفقه الإسلامي, ومقارنتها بالقانون الوضعي , مستعيناً بأدوات البحث من المذكرة الإيضاحية والأعمال التحضيرية , والتقنين المدني القديم ,ومحاضر الجلسات, ومناقشات السادة الأساتذة أعضاء اللجنة, من كبار رجال القانون والشرع , وفي النهاية أسأل المولى –جل في علاه- أن يرزقني التوفيق والسداد والقبول والرشاد فيما شرعت فيه من بحث ,وهو نعم المولى ونعم النصير.

       وقد اتبعت المنهج  التأصيلي والمقارن بين الفقه الإسلامي والقانون المدني المصري ,في باب الشفعة محل البحث ,مقسماً البحث إلى مقدمة وثلاثة مباحث رئيسة وخاتمة :



خطة البحث:
سنتناول- بمشيئة الله تعالى- هذا البحث في ثلاثة مباحث رئيسة :
المبحث الأول  : ماهية الشفعة.
المبحث الثاني  : التكييف القانوني للشفعة .
المبحث الثالث  : بعض المسائل المتعلقة بالشفعة .





المبحث الأول
ماهية الشفعة.
المطلب الأول
تعريف الشفعة.
أولاً: في اللغة :
الشفعة مأخوذة من الشفع : وهو خلاف الوتر، وهو الزوج. تقول: كان وترا فشفعته شفعا. وشفع الوتر من العود شفعا: صيره زوجا. والشفيع من الأعداد: ما كان زوجا.([1]).
وقال الفيومي: (شفعت الشيء شفعا من باب نفع : ضممته إلى الفرد، وشفعت الركعة جعلتها اثنين، ومن هنا اشتقت الشفعة، وهي مثال غرفة، لأن صاحبها يشفع ماله بها، وهي اسم للملك المشفوع) ([2]).
وقيل : (وإنه ليشفع علي بالعداوة: أي يعين عليّ ويضارني، وقوله تعالى: "من يشفع شفاعة حسنة"([3]) أي من يزد عملا إلى عمل) ([4]).
وقال ابن منظور: (وشفع لي يشفع شفاعة وتشفع: طلب، والشفيع: الشافع. والجمع شفعاء، واستشفع بفلان على فلان وتشفع له إليه، فشفعه فيه ,وقيل  : استشفعه طلب منه الشفاعة، أي قال له: كن لي شافعا. وفي التنزيل: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها"([5]).
يتضح لي مما سبق يتبين أن الشفعة في اللغة تطلق على عدة معان، منها: الضم، والشفع الذي هو ضد الوتر، والزيادة، والإعانة، والشفاعة، والعين، والجنون، وأقرب هذه المعاني للمعنى الاصطلاحي – كما سيأتي – هو معنى الضم والزيادة.
ثانياً: اصطلاحاً:
عرف فقهاء الشريعة الإسلامية الشفعة بتعريفات متقاربة أذكر بعضا منها, على سبيل الإيجاز:
أولا: تعريف الحنفية:
 يعرفون فقهاء الحنفية الشفعة : (هي تملك البقعة جبرا على المشتري بما قام عليه. كذا في عامة الشروح والمتون) ([6]). ويلاحظ على هذا التعريف عدم الإشارة إلى سبب تملك الشقص بالشفعة، كما يلاحظ عليه أيضا دخول ما كان بغير عوض وعدم الاحتراز منه في التعريف، وقد قال عامة العلماء بعدم ثبوت الشفعة فيه، أو ما كان العوض فيه غير مسمى، وقد قال الحنفية بعدم ثبوت الشفعة فيه. وهذا ما جاء في مرشد الحيران في المادة 95 منه , ولم يأخذ به التقنين المدني المصري.
ثانياً: تعريف المالكية:
يعرفون فقهاء المالكية : (الشفعة استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه) . وقد اعترض عليه الخطاب بقوله: (إنه غير جامع لخروج ما تكون فيه الشفعة بقيمة الشقص). كما إذا كان المقابل عوضا غير مالي، كمهر المرأة والصلح.
ثالثا: تعريف الشافعية:
ويقول فقهاء الشافعية : (وشرعا: حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض)  .وهو الشربيني الخطيب, ويلاحظ على التعريف أنه غير مانع لدخول المنقولات فيه، والشافعية لا يقولون بالشفعة فيها، وكذا دخول العقار الذي لايقبل القسمة، والشافعية لايقولون بالشفعة فيه على الصحيح من مذهبهم, وهذا ما سنتعرض له عند بحث مسائل الشفعة .
رابعا: تعريف الحنابلة:
يعرفون فقهاء الحنابلة الشفعة: فيقول ابن قدامة: (هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد من انتقلت إليه) (1).[7])ويلاحظ على التعريف دخول الهبة بلا عوض وما في معناها، وكذا دخول شفعة الذمي على المسلم في التعريف وعدم الاحتراز من ذلك (2). [8]
التعريف المختار:
هي تملك العين المشتراه جبراً عن المشتري مما قام عليه ؛ أي مقابل دفع الثمن والمؤن أو المصروفات,كأتعاب السمسار أو نفقات تحرير البيع أو رسوم التسجيل ومن شرائطها ملك الشفيع وقت الشراء في العين  التي يأخذ بها الشفعة.
ويوافق تعريفي المختار ما جاء في المادة 95 من مرشد الحيران بقولها هي : " تملك العقار المبيع كله أو بعضه ولو جبراً على المشتري بما قام عليه من المؤن " .
ثالثاً: في القانون المدني المصري:
         ينص القانون المدني في المادة مادة (935): " الشفعة رخصة تجيز للشفيع الحلول محل المشترى في حالة بيع العقار المتصل به ملكه في الأحوال والشروط المنصوص عليها قانونا .
        فالشفعة تعتبر إذن مصدراً من مصادر الحقوق العينية العقارية , ولذلك فهي تصلح سبباً لاكتساب الملكية والانتفاع والحكر , أما الارتفاق حيث أنه لا يتصور بيعه مستقلاً عن العقار المرتفق  لذلك فإن الشفعة لا تصلح سبباً لاكتسابه مستقلاً , وإنما تؤدي إلى انتقاله مع العقار المحمل به
وهى تأسس على وقاية الشفيع من ضرر محتمل من شريك أو جار فهي إذن متصلة بشخص الشفيع وهو حر في أن يأخذ أو لا يأخذ بها فهذا متروك لمحض تقديره .
 -
لذلك  لا تجوز لدائني الشفيع لأنها رخصة وليست حقا (لا عينيا ولا شخصيا) وهى متصلة بشخص الشفيع.
-
ولا تجوز فيها الإحالة . فلأن الشفعة متصلة بشخص الشفيع فلا يجوز أن يحيلها إلى غيره وذلك حسب ما أستقرت عليه أحكام محكمتنا العليا مخالفة في ذلك رأى فقهاء الحنفية .
وقد طعن أمام المحكمة العليا في الدعوى رقم 3 لسنة 1 قضائية" دستورية " بعدم دستورية الحالة الثانية من الفقرة (هـ) من المادة 936 من القانون المدني التي تعطي الحق في أخذ العقار بالشفعة للجار إذا كان للأرض المبيعة حق ارتفاق على أرض الجار أو العكس , استناداً إلى أن نظام الشفعة إذ يخول الشفيع دون سواه حق شراء الأرض المبيعة إلى غيره بطريقة مشروعة يؤدي إلى الإحتكار , مما يخالف الدستور في مادتيه الأولى والتاسعة وهما مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص.
وقد قضت المحكمة برفض الدعوى في جلسة 6/3/1971م استنادا إلى ما ذهبت إليه في أسبابها من دستورية نظام الشفعة . ومن ثم تكون النصوص المنظمة للشفعة في التقنين المدني دستورية .
        وقد أيدت محكمة النقض ذلك, وقضت : " إذا كانت المحكمة العليا في حكمها الصدر بتاريخ  6/3/1971م في الدعوى رقم 3 لسنة 1 ق إلى رفض الطعن بعدم دستورية نظام الشفعة تأسيساً على أن حق الشفعة ليس فيه خروج على مبدأ المساواة أمام القانون ولا يخالف مبدأ تكافؤ الفرص الذي أقره الدستور , فإن النعي بعدم الدستورية يكون غير سديد " .
المطلب الثاني
مشروعية الشفعة
الفرع الأول
دليل مشروعية الشفعة
ثبتت الشفعة بالسنة النبوية الشريفة و بالإجماع :
أولاً : من السنة:
- ثبتت للشفعة في مشروعيتها أحاديث نبوية  كثيرة منها :
1- عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: قضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة([9]).(1). قال ابن حجر: (وهذا الحديث أصل في ثبوت الشفعة([10](2).
2- عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: قضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في كل شركة لم تقسم، ربعه أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذن فهو أحق به[11] (3).
 3-  عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "الجار أحق بشفعة جاره ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحد"[12] (4).
        4- عن سمره – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله (ص) : "جار الدار أحق بالدار". .
ثانياً: من الإجماع:
نقل جمع من العلماء الإجماع على مشروعية الشفعة منهم ابن المنذر حيث يقول: (وأجمعوا على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط) .
وقال ابن هبيرة: (واتفقوا على أن الشفعة تجب في الخليط)[13])، أي الشريك.
       وقال القاضي عبد الوهاب:   (لا خلاف في وجوب الشفعة للشريك المخالط ) (1).[14]
       ومع هذا النقل للإجماع إلا أن بعض الشافعية نقل خلافا في ذلك كما جاء في كفاية الأخيار: (ونقل ابن المنذر الإجماع على إثبات الشفعة وهو ممنوع، فقد خالف في ذلك جابر بن زيد من كبار التابعين وغيره). إلا أن الشربيني استدرك بقوله: (وحكى ابن المنذر فيها الإجماع لكن نقل الرافعي عن جابر بن زيد من التابعين إنكارها، قال الدميري: ولعل ذلك لم يصح عنه)(2). [15]
       وذكر ابن قدامة أنه خالف في مشروعية الشفعة الأصم حيث قال: (ولا نعلم أحداً خالف هذا إلا الأصم فإنه قال: لا تثبت الشفعة ؛ لأن في ذلك إضرارا بأرباب الأملاك، فإن المشتري إذا علم أنه يؤخذ منه إذا ابتاعه لم يبتعه، ويتقاعد الشريك عن الشراء فيتضرر المالك)، ثم رد عليه بأنه مخالف للآثار الثابتة والإجماع المنعقد قبله، ورد على دليله من وجهين:

الأول: أنا نشاهد الشركاء يبيعون ولا يعدم من يشتري منهم غير شركائهم ولم يمنعهم استحقاق الشفعة من الشراء.
الثاني: أنه يمكنه إذا لحقته بذلك مشقة أن يقاسم فيسقط استحقاق الشفعة(3). [16]

الشفعة في القانون المدني المصري:
       ينص القانون المدني في المادة مادة (935): " الشفعة رخصة تجيز للشفيع الحلول محل المشترى في حالة بيع العقار المتصل به ملكه في الأحوال والشروط المنصوص عليها قانونا .
       فالشفعة تعتبر إذن مصدراً من مصادر الحقوق العينية العقارية , ولذلك فهي تصلح سبباً لاكتساب الملكية والانتفاع والحكر, بعكس الارتفاق وهى تأسس على وقاية الشفيع من ضرر محتمل من شريك أو جار. 

      والواقع إني أتفق مع تكييف الشفعة بأنها رخصة , وأرى فيه القول الحق ,  فالرخصة هي أكثر من الحرية ودون الحق وذلك قول المشرع في القانون المدني الجديد بنفسه, وقوله يرفع الخلاف , ,فهي مجرد رغبة ومشيئة .
           إذن فالشفعة متصلة بشخص الشفيع وهو حر في أن يأخذ أو لا يأخذ بها فهذا متروك لمحض تقديره .

الفرع الثاني
أصل مشروعية الشفعة

يرى كثير من الفقهاء أن الشفعة جاءت على خلاف الأصل والقياس، وأنها أمر استثنائي جاء على غير ما تقتضيه القواعد الفقهية، وفي ذلك يقول ابن قدامة: (الشفعة تثبت على خلاف الأصل إذ هي انتزاع ملك المشتري بغير رضاء منه، وإجبار له على المعاوضة .. لكن أثبتها الشرع لمصلحة راجحة) (1).  [17]
 وهذا القول هو قول جمع من الفقهاء إلا أن بعض العلماء كابن القيم يرى أن الشفعة أصل في الشرع، ثابتة على مقتضاه، ولا يجوز أن يقال أنها مستحسنة من القياس، بل هي ثابتة دلت على ثبوتها السنة، فدفع الضرر من المسلم جاء على مقتضى العقل و الشرع.
وقد رد ابن القيم على أصحاب القول الأول: بأن مشروعية الشفعة جاءت على مقتضى الشريعة وليست مخالفة لأصولها حيث يقول: (من محاسن الشريعة وعدلها وقيامها بمصالح العباد ورودها بالشفعة، ولا يليق بها غير ذلك، فإن حكمة الشارع اقتضت رفع الضرر عن المكلفين ما أمكن، فإن لم يكن رفعه إلا بضرر أعظم منه أبقاه على حاله، وإن أمكن رفعه بالتزام ضرر دونه رفعه به)(2).[18]
وذكر أنه لما كانت الشركة منشأ الضرر في الغالب فإن الخلطاء يكثر فيهم بغي بعضهم على بعض، شرع الله سبحانه رفع هذا الضرر بالقسمة تارة وانفراد كل من الشريكين بنصيبه وبالشفعة تارة، وانفراد أحد الشريكين بالجملة إذا لم يكن على الآخر ضرر في ذلك، فإذا أراد بيع نصيبه وأخذ عوضه كان شريكه أحق به من الأجنبي، وهو يصل إلى غرضه من العوض من أيهما كان، فكان الشريك أحق بدفع العوض من الأجنبي، ويزول عنه ضرر الشركة ولا يتضرر البائع، لأنه يصل إلى حقه من الثمن، وكان هذا من أعظم العدل وأحسن الأحكام المطابقة للعقول والفطر ومصالح العباد(3). [19]
الحكمة من الشفعة :
          الحكمة من الشفعة هي دفع ضرر المجاورة أو الاشتراك في الملك ,ثم إن من شانها أيضا منع تجزئة العقارات وبيعها لغير الجار والشريك وجمع ما تفرق من حق الملكية ,كضم حق الانتفاع إلى الرقبة عن طريق الأخذ بالشفعة (4). [20]
         لكن من الملاحظ انه لا يلزم لثبوت الشفعة أن يتحقق الضرر فعلاً, كما إن انتفاء الحكمة من تقرير الشفعة لا ينفي قيامها حيث أن الشفعة تثبت بتوافر احد أسبابها وشروط الأخذ به .
     ويقول ابن عابدين : "دفع الضرر الذي يحتمل وقوعه بين الشركاء أو الجيران نتيجة إعلاء الجوار وإيقاد النار ومنع ضوء النهار, وإثارة الغبار وإيقاف الدواب والصغار " .

 ويبين الفقه جانباً من الحكمة فيقول:
( فقد يكون ذلك الشخص – المشتري- غلظ الطبع رديء  الخلق سيء المعاشرة  ذلك ما ينال الشفيع منها
من سعة في مسكنه من تخرجه من ضيق اضطرب له سكونه وافتقد به راحته ,أو زيادة في مزرعته تمكنه من الإحسان في استغلالها وإنماء غلاتها(1).[21]
         لاتخل الشفعة من فائدة ,من خلال حكمتها ومقصد الشارع من تطبيقها ؛ من  دفع ضرر المجاورة أو الاشتراك في الملك ,و من منع تجزئة العقارات وبيعها لغير الجار والشريك وجمع ما تفرق من حق الملكية ,عن طريق الأخذ بالشفعة .

        ونظراً لما في نظام الشفعة من أهمية عملية في حياتنا اليومية , ولتعلقها بحق الملكية ,وما يتصل به من حقوق , وما يترتب عليه من مشكلات اجتماعية تقوض بناء المجتمع إن لم يكن لها تشريع محكم  ومعاصر يئدها في مهدها ,قبل أن تتفاقم وتهدد الفرد في مسكنه وماله .
      كما أتت الشفعة  بالنظر لحاجة الكثير من الناس إليها فالغالبية العظمى من الناس يلاحظ أن الواحد منهم يتعرض في حياته إلى بيع جاره مسكنه أو شريكه حصته لمشتر جديد ما يترتب عليه حدوث الضيق والمشقة والحرج للجار أو الشريك القديم فشاءت إرادة الشارع أن يزيل الضيق وأن يرفع المشقة ويمنع الحرج، فأقر الشفعة وأباح العمل بموجبها.

      وتعج المحاكم بالعديد من قضايا ومشكلات الجوار, ومنها ما يتعلق بمسائل الشفعة , ولا ينكر دور القضاء في مواجهة هذه المسائل بالإجتهاد ,حتى قبل العمل بالقانون المدني الجديد (2). [22]
      ولا ينكر دور القضاء  ,وذلك نظراً لاجتهاداتهم في صدور الأحكام  حينما يتعرضون للمسائل الخاصة بالشفعة , وذلك ناتج عن احتكاكهم بالواقع الملموس والقضايا التي ينظرونها ويفصلون فيها بقطع النزاع , ويكون ذلك بعد نظر في آراء الفقهاء والترجيح بينها . فهم الأكثر إلماماً بالواقع من خلال المحاكم وأحكام القضاء , ويوقف المشرع على خفايا النزاعات والآراء التي أبديت فيها ,وعلى ضوء ذلك كله يتخذ المشرع موقفه من تلك الاجتهادات إما إلغاءاً أو تعديلاً أو تأييداً , متبنياً في النهاية أقرب الآراء للواقع وتمشياً مع ظروف ومتطلبات العصر .

وأن الشفعة نتيجة مترتبة على القاعدة الفقهية المعروفة ؛ تحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام ومجالها الإلزام والوجوب,بمعنى أنه يجب على الحاكم دفع الضرر العام بشتى الوسائل طالما كان سبب هذا الضرر العام ضرراً خاص  (3)[23].

        ومن ثم كان تشريع الشفعة في الإسلام أمراً ذا بال إذ أنه يعد من محاسن الشريعة الإسلامية الغراء ومن مميزاتها التي تميزت بها على سائر الشرائع السماوية التي سبقتها ولا غرو ولا مبالغة في هذا القول, ولقد اقتبست أحكامه العديد من التشريعات الغربية ,كالتشريع الإسباني المدني و التشريع المدني الألماني.



المطلب الثالث
التطور التشريعي لأحكام الشفعة

      الشفعة نظام عرفته الشريعة الإسلامية الغراء قبل أربعة عشر قرناً من الزمان , فهي المصدر والمنبع لأحكام الشفعة.
      وعندما صدرت المجموعة المدنية المختلطة اقتبس أحكام الشفعة من مصدرها وهي الشريعة الإسلامية . وقد نصت عليها في المواد (93-101) كسبب لكسب الملكية , وذلك لما تبين لواضعي القانون المدني المختلط من أن هذا النظام أصبح جزءاً من التقاليد القانونية للبلاد.
      ولما صدرت المجموعة المدنية الأهلية كان طبيعياً أن تتأثر بهذا الوضع, فنصت بدورها على الشفعة في المواد (68-75) ضمن أسباب كسب الملكية.
       غير أن العمل أظهر أن أحكام المواد المذكورة ليست وافية لفض المنازعات المختلفة الناشئة عنها ,مما دعا القضاء إلى الاستعانة بأحكام الشريعة الإسلامية وما استقر عليه رأي فقهائها في شأن المشكلات التي لا يمكن الاستناد في حلها إلى نصوص القانون .وبذلك فتح باب الاجتهاد على مصراعيه, الأمر الذي أدى إلى تشعب الآراء وتناقض الأحكام.
       إزاء ذلك اضطر المشرع إلى سن قانون جديد خاص بالشفعة قنن فيه بعض الأحكام التي أقرتها المحاكم, وأضاف إليها قواعد أخرى رأى ضرورة إضافتها, وصدر به الأمر العالي في 26 مارس سنة 1900م بالنسبة للقضاء المختلط, وفي 23 مارس سنة 1901م بالنسبة للقضاء الأهلي.
وبذلك انفصلت الشفعة عن المجموعة المدنية , وظلت على هذا الحال من الانفصال حتى صدور القانون المدني الجديد (1).  (2
       وبصدور هذا القانون _ القانون المدني الجديد الصادر سنة 1949م_ عادت الشفعة إلى مكانها من التقنين المدني سبباً لكسب الملكية, فقد وردت أحكامها في المواد(935-948), ضمن أحكام الفصل الذي خصصه المشرع لأسباب كسب الشفعة.([24]
       ويلوح مما نشر من مناقشات اللجنة التي شكلت لإعداد نصوص الشفعة, أن بقاء هذا النظام من عدمه كان محل مناقشات طويلة , إلا أن الرأي قد استقر على إبقاء الشفعة سبباً لكسب الملكية,لاعتبارات تاريخية, ولأن هذا النظام أصبح جزءاً من التقاليد القانونية للبلاد,هذا بالإضافة إلى ما للشفعة من فائدة في جمع ما تفرق من حق الملكية ,كضم حق الإنتفاع إلى حق الرقبة عن طريق الأخذ بالشفعة .
        إلا أن اللجنة وإن انتهت إلى استبقاء الشفعة , إلا أنها قد عملت من ناحية أخرى على التضييق في الأخذ بها , باعتبارها قيداً يرد على حرية التصرف فيحسن عدم التوسع فيه .وقد تبعها المشرع في ذلك . ومن مظاهر التضييق ما يأتي (2). : [25]
1- حرص المشرع على تعريف الشفعة بأنها رخصة, أي مشيئة وإرادة, وليس حقاً يتصل بالذمة المالية .
وسوف نرى ما لهذا الاتجاه من أثر في الرأي القائل بانتقال خيار الشفعة بالميراث ,كما كان من أثره ما   قررته المادة 948 من سقوط الشفعة إذا نزل الشفيع عنها ولو قبل البيع. وقد كانت تلك المسألة مثار خلاف في الفقه والقضاء.
2- توسع المشرع في موانع الشفعة, بأن منع الشفعة في البيع بين الأقارب حتى الدرجة الرابعة,ولم يقتصر على الدرجة الثالثة _كما في قانون الشفعة السابق_ ومنعها في البيع ما بين الأصهار أصلاً.
3- توسع المشرع في مسقطات الشفعة , بأن أنقص المدة   التي تسقط حق الأخذ بالشفعة إلى أربعة أشهر من يوم تسجيل البيع (م948/ب مدني). بدلاً من ستة أشهر وفقاً م22 من قانون الشفعة الملغي.
4- ونرى للمشرع العديد من مظاهر التضييق في مجال الإجراءات , هي ليست محل للطرح في بحثنا.
المطلب الرابع
الشريعة الإسلامية الغراء المصدر التشريعي للشفعة

          استمد المشرع أحكام الشفعة من الفقه الإسلامي, ولذلك يعتبر الفقه الإسلامي مصدراً تاريخياً لها,يجب الرجوع إليه عند تفسير هذه الأحكام بشرط عدم التعارض مع المبادئ العامة في القانون حيث يحتفظ النظام القانوني بانسجامه وتناسقه (1).[26]
         ومن ناحية أخرى فتطبيقاً للمادة الأولى من القانون المدني ,يجب الرجوع إلى المبادئ العامة في الشريعة الإسلامية عند عدم وجود نص أو عرف  في المسألة المعروضة وعندئذ تكون الشريعة الإسلامية مصدراً رسمياً.
        ولكن يرى فقهاء القانون أنه يراعى عند الرجوع للشريعة الإسلامية, سواء لتفسير نص أو للبحث عن حكم  حيث لا نص ولا عرف عدم التقيد بمذهب معين.

      وقد أخذت محكمة النقض بهذا الرأي قيل العمل بالتقنين المدني الجديد,وبعد العمل به., والجمع والتلفيق بين المذاهب الفقهية المختلفة بما يتماشى مع مصالح وظروف المجتمع(2).[27]

دور القضاء في توجيه المشرع المصري :

      لا شك أن للقضاء دوراً لا يمكن إنكاره ,وذلك نظراً لاجتهاداتهم في صدور الأحكام  حينما يتعرضون للمسائل الخاصة بالشفعة , وذلك ناتج عن احتكاكهم بالواقع الملموس والقضايا التي ينظرونها ويفصلون فيها بقطع النزاع , ويكون ذلك بعد نظر في آراء الفقهاء والترجيح بينها .
      ويعد هذا وبلا شك مسلكاً محمود يفيد في توجيه المشرع ويجعله أكثر إلماماً بالواقع من خلال المحاكم وأحكام القضاء , ويوقف المشرع على خفايا النزاعات والآراء التي أبديت فيها ,وعلى ضوء ذلك كله يتخذ المشرع موقفه من تلك الاجتهادات إما إلغاءاً أو تعديلاً أو تأييداً , متبنياً في النهاية أقرب الآراء للواقع وتمشياً مع ظروف ومتطلبات العصر .

 وهذا مثال لدور القضاء في توجيه المشرع , بل إن شئت قل يقوم بالدور التشريعي بنفسه على نحو مشابه للدور الإنشائي في القضاء الإداري إن صح القول .

     فقد استقر القضاء على أن الشفعة ليست حقاً وإنما هي خيار ورخصة لا يجوز انتقالها إلى الغير من الدائنين أو الورثة , وقد استقر رأي اللجنة على حذف الفقرة الثانية من المادة الخاصة بهذا الموضوع
" لأن اللجنة استحسنت أن يظل أمر الحكم فيما تضمنت موكولاً إلى عدل القضاء " (3).[28]

      وقد قضت محكمة النقضكما قضت في ظل التقنين القديم – بأن الشفعة حق مالي يجري عليه التوارث, وهو ما ظل العمل عليه ردحاً من الزمان .
      وهنا يبرز دور القضاء في معاونة الفقه في العملية التشريعية , ومدى التلازم بين الدور القضائي والتشريعي على نحو يتكامل فيه دورهما بلا تداخل ولا افتئات , ويؤازر بعضهم بعضاً .
المبحث الثاني
التكييف القانوني للشفعة .

     اختلفت آراء الفقهاء حول التكييف القانوني للشفعة في ظل التقنين المدني القديم , وكذلك الحال تباينت آرائهم في ظل القانون الحالي , وعليه سنعرض للتكييف القانوني للشفعة قبل العمل بالقانون المدني الجديد في مطلب أول , ثم نعرض للتكييف القانوني للشفعة بعد العمل بالقانون المدني الجديد
في مطلب ثانٍ .

المطلب الأول
التكييف القانوني للشفعة
قبل العمل بالقانون المدني الجديد

         انقسم الرأي في التكييف القانوني للشفعة قبل العمل بالقانون المدني الجديد إلى ثلاثة آراء:
الرأي الأول:
       يروا أنصار هذا الرأي أن الشفعة حق عيني, استناداً إلى أنها تخول الشفيع حقا مباشرا يسري بالنسبة إلى الكافة ,وأن هذا الحق ينصب على عقار.ومادام هدف دعوى الشفعة هو اكتساب ملكية عقار, فالحق المترتب على هذه الدعوى لا يمكن أن يختلف عنها في طبيعته فهو بذلك حق عيني , فطالما أن الوسيلة تؤدي إلى اكتساب حق عيني , فيجب أن تخلع عليه نفس الوصف لعدم جواز الفصل بين الوسيلة إلى الحق والحق ذاته.
     وقد قد أنصار هذا الرأي أن يرتبوا على ذلك نتائج من أهمها أن تكون دعوى الشفعة من اختصاص المحكمة الكائن في دائرتها العقار المشفوع به.
وهم لم يكونوا في حاجة لهذا القول للوصول إلى هذه النتيجة ,إذ كان يمكنهم القول إن الشفعة تكسب الشفيع ملكية العقار المشفوع فيه, فهو عندما يقيم دعوى الشفعة يطالب بحق عيني عقاري, فيثبت لمحكمة العقار الاختصاص بنظر الدعوى(1).[29]
بيد أنه يترتب على هذا الرأي نتيجة هامة هو انتقال حق الشفعة إلى ورثة الشفيع بمجرد ثبوته له.
الرأي الثاني:
     ويذهب إلى أن الشفعة حق شخصي استنادا إلى أن الشفعة بحسب قواعد الشريعة الإسلامية إنما تقررت لاعتبارات  شخصية تتعلق بالشفيع وقت حصول البيع , فهي حق يثبت لشخص معين بالنظر إلى ظروفه الخاصة. والشارع الإسلامي لم يقرر حق الشفعة ناظراً إلى العقار نفسه وإنما إلى اعتبارات  شخصية تتعلق بالشفيع ,فحق الشفعة إذن طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي استمد منها هو حق شخصي . هذا فضلاً عن أن العقار المشفوع لا ينتقل إلى ملك الشفيع إلا بعد تسجيل الحكم ,فحتى يتم التسجيل  وما يرتبه من آثار يبقى حق الشفعة حقاً شخصياً (2).[30]

     ويترتب على هذا الرأي انقضاء الشفعة بموت الشفيع حتى لو طرأت الوفاة أثناء السير في دعوى الشفعة.
الرأي الثالث:   
    وهو رأي وسط بين الرأيين السابقين ويذهب إلى أن الشفعة ليست حقاً عينيا بحتا ولا حقاً شخصيا بحتا, بل إنه حق ذو صفة مختلطة لكونه حقاً ينصب على عقار من جهة,ولكونه من جهة أخرى لا يمنح للشفيع إلا بناء على اعتبارات شخصية خاصة به (1).[31]
- الوضع في عهد التقنين المدني القديم :

         ولعل أقرب الآراء إلى الصحة في تكييف الشفعة قبل العمل بالقانون المدني الجديد ,ما ورد في حكم محكمة الاستئناف في 2/4/1895م من أنه : " لا يمكن وصف الشفعة بأنها حق عيني يتبع العقار أينما حل, فقد جاء صريحاً في القانون المدني أنها طريقة من طرق كسب الملكية والحقوق العينية, كالعقود والميراث ووضع اليد دون فرق , ولا يتصور أن السبب المنتج للحق العيني يسمي نفسه حقاً عينياً,
           فالشفعة إذن ليست حقاً من الحقوق يؤثر لذاته في الشئ ,كالملكية أو حق الإنتفاع ,وإنما هي سبب من الأسباب القانونية التي تنشئ حق الملكية العيني أو بعبارة أخرى هي مجرد إباحة للتوصل إلى كسب حق الملكية, وهذه الإباحة لا تنتج حقاً إلا إذا استعملت,وحينئذٍ فلا يتولد حق عيني للشفيع بمجرد البيع, وإنما يتولد هذا الحق عند طلب اخذ الشفيع بالشفعة والقضاء بها .

       وفي تقديري أن حكم القضاء وافق الرأي الثالث ,وهو المنطق, فقد نفى الحكم وصف الشفعة بأنها حق عيني؛  وكذلك أرى أنه لم يأخذ بكونه حق شخصي ؛ لأن من مقتضيات الرأي الثاني  انقضاء الشفعة بموت الشفيع حتى لو طرأت الوفاة أثناء السير في دعوى الشفعة , والحكم في السابق قد جرى _في محكمة النقض ومحكمة الاستئناف مجتمعة_على ثبوت حق التوارث في الشفعة.


المطلب الثاني
التكييف القانوني للشفعة
بعد العمل بالقانون المدني الجديد

      تنص المادة (935)مدني على أن : " الشفعة رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري...  الخ ".

وجاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه:
        عرفت الشفعة بأنها رخصة لا " حق" لأنها ليست بحق  بل هي سبب من أسباب كسب الملكية, فلا معنى للبحث فيما إذا كانت الشفعة حقاً عينيا أو حقا شخصيا , وقد حذف المشروع من التعريف الذي أقرته اللجنة العبارة التي تذكر أن "الشفعة سبب لكسب الحقوق العقارية" , فإن هذا مفهوم من وضع الشفعة بين أسباب كسب الحقوق العينية
       وإذاً أريد بهذه العبارة _كما تقول المذكرة الإيضاحية للجنة_أن تبقي الشفعة دائرة بين العينية والشخصية, وكان هذا السبب أدعى لحذفها".

      ويقول الدكتور عبد الرزاق السنهوري في تحديد معنى الرخصة: " تكون الشفعة ليست مجرد رخصة بل هي أكثر من ذلك، ولهذا علق الأستاذ السنهوري على نص القانون المصري بقوله: (والأدق أن يقال أن هذا المركز القانوني – والمقصود هو المركز الناشئ عن بيع العقار وتوفير شروط الشفعة – لا يتولد عنه مجرد رخصة في التملك، بل يتولد عنه حق الشخص في أن يتملك ... )(1).[32]

   وعلى ذلك فقد اعتبر القانون الشفعة رخصة, وليست حقاً عينياً ولا شخصياً بل هي مصدر من مصادر الحقوق العينية, حيث تعتبر سبباً لكسب الملكية الإنتفاع والحكر.

      وقد نص القانون المدني في المادة مادة (935)على ذلك : " الشفعة رخصة تجيز للشفيع الحلول محل المشترى في حالة بيع العقار المتصل به ملكه في الأحوال والشروط المنصوص عليها قانونا .

    والرخصة أدنى من الحق وأكثر من الحرية.فهي رخصة في التملك بالشفعة تعني جريان سبب يقتضي المطالبة بالتمليك (2) .([33].لأن الرخصة هي الخيار المفتوح لشخص معين والذي بمقتضاه يسمح له القانون بأن يعدل من مركزه القانوني وفقاً لمصلحته وفي حدود هذه المصلحة,فهي نوع من إمكانية الاختيار مستمدة من القانون لكي يسمح لشخص معين بأن يغير مركزه القانوني.

 رأي الباحث الشخصي:

     والواقع إني أتفق مع تكييف الشفعة بأنها رخصة , وأرى فيه القول الحق ,  فالرخصة هي أكثر من الحرية ودون الحق وذلك قول المشرع في القانون المدني الجديد بنفسه, وقوله يرفع الخلاف , ,فهي مجرد رغبة ومشيئة .

     وأتفق مع رأي أستاذنا الدكتور رمضان أبو السعود , إذ فرق بين حرية التملك ورخصة التملك وحق الملك , واعتبر أن رخصة التملك إنما تعني جريان سبب يقتضي المطالبة بالتمليك , وهذا ما أراه ينطبق على الشفعة .

    ولكن متى تجاوزت الرخصة حد الاختيار والإرادة , وانتقلت إلى مرحلة الحسم ,فعندئذ تتأكد وتنقلب إلى حق ,وهي لن تصل إلى هذه المرحلة الحاسمة إلا إذا طالب الشفيع بالشفعة ,ومتى تحقق ذلك اعتبر صاحب حق , ومن ثم ينتقل ذلك الحق إلى ورثته وهذا ما يتفق مع تعريف الحنفية للشفعة, كما يتفق مع الحنابلة القائل بسقوط الشفعة إذا مات الشفيع قبل الطلب بها .

        لكن المشرع المصري لم يضع تعريفاً جامعاً مانعاً للشفعة ,يبين فيه ماهية و وكنه و خصائص الشفعة  , فاكتفى بمجرد بيان أنها رخصة, ولم يقتبس أية تعريف من المذاهب الفقهية الإسلامية ,وهذا ثابت- من خلال محاضر الجلسات -  بعد مناقشات طويلة ,وخلاف محتدم بين أعضاء اللجنة حول  تعريف الشفعة في لجنة المرحوم كامل صدقي باشا , فمنهم من رأى ضرورة وضع تعريف شامل للشفعة , ومنهم من رأى عدم جدوى ذلك , على ما سيتضح لنا في المبحث التالي .



المبحث الثالث
بعض المسائل المتعلقة بالشفعة .

        إن مسائل الشفعة متعددة ,لكني آثرت أن أتعرض لبعض المسائل الشائعة والجوهرية –في وجهة نظري-  في الشفعة , لذا سنتعرض لمسألة للتوارث في الشفعة في مطلبٍ أول,ثم نعرض لمسألة قصر الشفعة على العقار دون المنقول في مطلبٍ ثانٍ,وأخيراً نتعرض لمسألة عدم جواز الشفعة إلا في البيع ,في مطلبٍ ثالث.

المطلب الأول
انتقال الشفعة بالإرث.

           سنتعرض لآراء فقهاء الشريعة الإسلامية في فرع أول , ثم نعرض لآراء فقهاء القانون والقضاء في فرع ثان ٍ, وأخيراً نعرض لحكم القانون المدني الجديد في فرعٍ ثالث.


                                                     الفرع الأول
آراء فقهاء الشريعة الإسلامية.

            اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية الغراء في أثر موت الشفيع على حقه في الشفعة.
فذهب الأحناف إلى سقوط الشفعة بموت الشفيع قبل تملكه العقار المشفوع به بالتراضي أو بحكم القاضي, سواء كان موته قبل طلب الشفعة أو بعده,ولا ينتقل حقه فيها إلى ورثته.لأن الشفعة ليست مالا, ولكنها إرادة ومشيئة, والوارث لا يرث مورثة في رغباته لأنها صفات شخصية.

وذهب الشافعية و مالك إلى انتقال حق الشفعة إلى الوارث, الذي يحل محل الوارث فيه, لأنه حق متعلق بالمال, وقد ثبت للشفيع بسبب العقار الذي يملكه, فإذا انتقل العقار إلى الوارث انتقل إليه بحقوقه.

وذهب الإمام أحمد بن حنبل مذهباً وسطاً,فيرى أنه يورث حق الشفعة إذا ما تقرر بالمطالبة به , فإذا توفى الشفيع قبل المطالبة بالشفعة , سقط الحق فيها, أما إذا توفى بعد المطالبة بالشفعة , ثبت الحق فيها وانتقل إلى وارثه, لأن الشفيع-  في أرجح الأقوال عند الحنابلة-  يتملك العقار المشفوع به بطلبة, دون حاجة إلى رضاء أو قضاء, فإذا توفى الشفيع بعد طلب الشفعة, فقد توفى وهو مالك للعقار المشفوع فيه, فيورث عنه لأنه عين مالية مملوكة.

الفرع الثاني
آراء فقهاء القانون والقضاء .
         انتقل الخلاف الموجود بالفقه الإسلامي إلى فقهاء القانون, فالخلاف بين فقهاء القانون مر بمرحلتين, سنعرض لكل مرحلة تباعاً,المرحلة الأولى الخلاف بين فقهاء القانون, وقضاء محكمة النقض قبل العمل بالتقنين الجديد,والمرحلة الثانية الخلاف بين فقهاء القانون بعد العمل بالقانون المدني الجديد.

        (أ) المرحلة الأولى: الخلاف بين فقهاء القانون وقضاء محكمة النقض قبل العمل بالتقنين الجديد:      انتقل الخلاف الموجود بالفقه الإسلامي إلى فقهاء القانون قبل العمل بالتقنين الجديد.
         فذهب رأي إلى أن الشفعة بطبيعتها حق شخصي وتبطل بموت الشفيع قبل تملكه العقار المشفوع بالرضاء أو القضاء. ولا تنتقل إلى ورثة الشفيع.
وقد استند هذا الرأي إلى ما يأتي:
1-أن الشفعة من أوضاع الشريعة الإسلامية ومن مبتكراتها, وقد اختار الشارع المصري العمل بها, ودمجها ضمن أحكام القانون المدني, وذا وجب الرجوع إلى تلك الشريعة في كل أمر يتعلق بطبيعة هذا الحق وحدوده , إذا لم يوجد نص في القانون المدني.
والشفعة شرعاً هي تملك العين المشتراه جبراً عن المشتري مقابل دفع الثمن والمؤن أو المصاريف,ومن شرائطها ملك الشفيع وقت الشراء في العين  التي يأخذ بها الشفعة, فينتج من هذا التعريف ومن هذا الشرط أنه إذا مات الشفيع بطل حقه في الشفعة  ولا ينتقل إلى ورثته وذلك من وجهين :أما الوجه الأول فلأن الثابت للشفيع هو مجرد حق التملك لا حق الملك, فله الخيار بين الأخذ والترك,فكأن حقه عرضاً والحقوق العرضية لا يصح التعاوض عنها بمال, وما كان ليس محلاً للتعاوض  لا يكون محلاً للتوارث , وينبني على ذلك أنه إذا باع الشفيع حقه في الشفعة من المشتري بثمن فلا ينعقد البيع ويعتبر ذلك تنازلاً عن الشفعة ويسقط الثمن.
أما الوجه الثاني فهو وجوب بقاء ملك الشفيع للعين التي يشفع بها من وقت الشراء إلى حين القضاء بالشفعة, فإذا
وذهب رأي ثاني إلى أن حق الشفعة كباقي الحقوق يؤول من صاحبه إلى الوارث الذي يكون في نصيبه العقار المشفوع به.
وقد استند هذا الرأي إلى ما يأتي:
1-  أنه وإن يكن أصل الشفعة موجوداً في الشريعة الغراء فإن القانون الأهلي لم يأخذها بكامل أحكامها الشرعية, بل خالف تلك الأحكام في أكثر المسائل, وسكت عن مسألة انتقال حق الشفعة بالإرث, وبما أن القانون لم يذكر أية عبارة تجيز الرجوع إلى أحكام الشريعة فيما سكت عنه من مسائل الشفعة فلابد من الرجوع إلى ما قرر القانون الرجوع إليه عند عدم وجود نص فيه , وهو المبادئ المقررة في القانون أو مبادئ العدل والإنصاف, وبما أن مبادئ القانون تقضي بحلول الورثة محل مورثهم (الماده199/مرافعات), خصوصاً إذا كان المورث طالب بالشفعة قبل وفاته ولم يحكم له بهذا الحق في حياته لمنازعة المشتري له في ذلك, فالورثة لهم الحق في أن يحلوا محل مورثهم ويستفيدون من كل حقوقه.    

                                                                                                            
2-  أنه بالرجوع إلى ما قرره علماء الشريعة الإسلامية في هذه الحالة نجد أن المسألة خلافية بينهم . فقد قرر الشافعي ومالك في مذهبيهما أنه لا يبطل الحق في الشفعة بموت الشفيع , بل تورث عنه ويقوم ورثته مقامه. وجاء في مذهب الحنفية تفصيل فيقول" فإذا مات الشفيع بعد طلبي المواثبة والإشهاد وقبل أن يقدم طلب الخصومة فلا يورث عنه حق الشفعة ,وليس لورثته أن يقوموا مقامه فيه , وأما إذا مات بعد طلب الخصومة فقد سكتوا عن هذه الحالة. ولكن روح التشريع وحكمة التقسيم الذي قال به علماء الحنفية, ومن عدم تقريرهم حكم المنع والحرمان في هذه الحالة, يحمل على الاعتقاد بأنه إذا مات الشفيع بعد الخصومة وقبل قضاء القاضي حق الشفعة إلى ورثته.


        وقد أخذت دوائر محكمة الاستئناف مجتمعة بالرأي الأول في حكمها الصادر في 3 مايو سنة 1930م , وقضت بأن حق الشفعة لا ينتقل إلى الوارث بوفاة الشفيع قبل التملك بالتراضي أو بقضاء القاضي.
·       قضاء محكمة النقض قبل العمل بالتقنين الجديد:

          أخذت محكمة النقض بالرأي القائل بأن الحق في الشفعة ينتقل بالميراث, وخالف بذلك الحكم الصادر من  دوائر محكمة الاستئناف بتاريخ 3 مايو سنة 1930م .
وقد أسست قضاءها على أن الخيارات جميعا ًتنتقل قانوناً إلى ورثة من له الخيار , لأنه حقوق مالية يجري فيها التوارث مجراه في المال.
إذ ذهبت إلى أن :

1- " إن القانون المصري قد خلا من النص على حكم خيار العيب وخيار الشرط وخيارا لتعيين وخيار الاسترداد الوراثي وخيار المدين دفع ثمن الدين المبيع لمشتريه. كذلك قد خلا قانون الشفعة من النص على حكم خيار الشفيع هل ينتقل للورثة أو لا ينتقل . والصحيح في هذه الخيارات أنها جميعاً تنتقل قانوناً إلى ورثة من له الخيار , لأنها حقوق مالية يجري فيه التوارث مجراه في المال . ولا يغض من ذلك أن الشريعة الإسلامية - في مذهب أبي حنيفة - لا تجيز انتقال خيار الشفعة إلى وارث الشفيع"(1).[34]

2- إن كون الشئ مالاً فينتقل من الشخص إلى ورثته أو ليس مالاً فلا ينتقل  هو بحث في مسألة عينية من صميم المعاملات .
أما الأشياء التي هي موضوع هذا الحق فالحكم في ثبوت ماليتها أو نفيها لا يكون إلا تبعاً لأحكام القانون الوضعي الذي وحده المرجع في كل ما يدخل في دائرة المعاملات والأموال.
والمال في عرف القانون  هو كل شئ متقوم نافع للإنسان يصح أن يستأثر به وحده دون غيره. والاستشفاع حق من هذه الحقوق توافرت فيه عناصر المالية :  وهي النفع و التقوم  وقابلية الاستئثار, فوجب اعتباره مالاً يورث , لا حقاً متصلاً بشخص الشفيع" (2).[35]

3-" وحيث أن السبب مردود عليه بأنه وإن كانت أحكام الشريعة الإسلامية  في رأي فقهاء الحنفية تقضي بعدم توارث الشفعة إلا أن هذه الأحكام لا تعتبر من القانون الواجب على المحاكم تطبيقه في العلاقات المدنية إلا فيما أحالة القانون إليها , أما ما استمده الشارع من أحكام الشريعة في القوانين – كما هو الحال في الشفعة – فإنه أصبح جزءا من القانون المدني يخضع لأحكامه دون أحكام الشريعة الإسلامية ...... وما الاستشفاع إلا حق من هذه الحقوق توافرت فيه عناصر النفع و التقوم وقابلية الاستئثار, مما يعتبر معه مالاً ويصح توارثه على ما جرى به قضاء هذه المحكمة (3). [36]

       (ب)والمرحلة الثانية الخلاف بين فقهاء القانون في ظل التقنين المدني الجديد:
انقسم رأي الفقه في ظل التقنين المدني الجديد إلى آراء ثلاثة وهي:

الرأي الأول:  يرى أن حق الشفعة هو من الحقوق التي يجري  فيها  التوارث ,ويؤيد ما ذهبت إليه محكمة النقض في ظل التقنين القديم والجديد .
الرأي الثاني: يذهب إلى أن الشفعة لا تورث قبل المطالبة بها , أما ‘إذا تمت هذه المطالبة وتوفى الشفيع فإن حقه في الأخذ بالشفعة ينتقل إلى الورثة.

ويستند هذا الرأي إلى ما يأتي:

1-  أن المشرع في المادة (935) من القانون المدني الجديد يعرف الشفعة بأنها رخصة . والرخصة هي أكثر من الحرية ودون الحق ,فهي مجرد رغبة ومشيئة , وبالتالي لا يجوز القول يتوارث الرخص إذا ما ظلت في مرحلة الاختيار والتي ليست بحق أو بمال .ولذلك التركة المنتقلة من الشفيع إلى ورثته لا تشملها .
ولكن متى تجاوزت الرخصة حد الاختيار والإرادة , وانتقلت إلى مرحلة الحسم ,فعندئذ تتأكد وتنقلب إلى حق ,وهي لن تصل إلى هذه المرحلة الحاسمة إلا إذا طالب الشفيع بالشفعة ,ومتى تحقق ذلك اعتبر صاحب حق , ويمكن أن ينتقل ذلك الحق إلى ورثته وهذا ما يتفق مع تعريف الحنفية للشفعة,كما يتفق مع الحنابلة القائل بسقوط الشفعة إذا مات الشفيع قبل الطلب بها .

2-  إن من شروط الشفعة أن يكون الشفيع مالكاً للعقار المشفوع به وقت البيع المشفوع فيه , وان تستمر ملكيته إلى حين الحكم له بالشفعة. ووارث الشفيع- إذا لم يكن قد طالب بالشفعة قبل وفاته – لم يكن مالكا ًللعقار قبل البيع ,كما انه لا يعد خلفاً للمورث في حق لم يثبت لهذا الأخير بعد .أما إذا مات الشفيع بعد المطالبة بالشفعة, فان وارثه وان لم يكن مالكا للعقار المشفوع به وقت البيع , إلا انه يعد خلفاً للشفيع في حقه في الشفعة التي تأكد بالمطالبة القضائية. 
                                         
3-  إن القول بعدم توارث الشفعة قبل المطالبة بها ,هو الذي يتفق مع مذهب المشرع في التقنين المدني الجديد في تضييقه للشفعة والحد منها.

الرأي الثالث:

          يذهب هذا الرأي إلى أن الشفيع إذا اعل رغبته في الأخذ بالشفعة يكون قد تكاملت عنده عناصر سبب كسب ملكية العقار المشفوع فيه ,وحل بإعلان هذه الرغبة محل المشتري في الصفقة التي عقدها هذا مع البائع ,ولا شك في انه إذا مات بعد ذلك انتقل حق ملكية العقار المشفوع فيه إلى ورثته ,وعلى هؤلاء أن يستمروا في إجراءات  الأخذ بالشفعة حتى يحصلوا على حكم بثبوتها أو يحصلوا على رضاء بها .

         أما قبل إبداء الرأي في الشفعة فان الشفعة تكون مجرد رخصة ,أو هي منزلة وسطى بين الرخصة والحق فهي لم تكسب الشفيع بعد حقاً كاملاً في العقار المشفوع فيه.
         والذي ينتقل إلى الورثة من مورثهم هي الحقوق الكاملة التي تثبت للمورث ولا ينتقل إليهم رخصة ,أو منزلة وسطى بين الرخصة والحقوق , فهذه وتلك ليستا بحقوق كاملة حتى تنتقلا إلى الورثة , ومن ثم لا يجوز القول من ناحية المبادئ العامة للقانون المدني أن الشفعة في هذا الفرض الذي نحن بصدده تنتقل إلى الورثة(1).  [37]

رأي الباحث الشخصي:

     أرى أن المشرع يعرف الشفعة بأنها رخصة في المادة (935) من القانون المدني الجديد.وذلك قول المشرع بنفسه, وقوله يرفع الخلاف , والرخصة هي أكثر من الحرية ودون الحق ,فهي مجرد رغبة ومشيئة , وبالتالي لا يجوز القول بتوارث الرخص إذا ما ظلت في مرحلة الاختيار والتي ليست بحق أو بمال .ولذلك التركة المنتقلة من الشفيع إلى ورثته لا تشملها .
     ولكن متى تجاوزت الرخصة حد الاختيار والإرادة , وانتقلت إلى مرحلة الحسم ,فعندئذ تتأكد وتنقلب إلى حق ,وهي لن تصل إلى هذه المرحلة الحاسمة إلا إذا طالب الشفيع بالشفعة ,ومتى تحقق ذلك اعتبر صاحب حق , ويمكن أن ينتقل ذلك الحق إلى ورثته وهذا ما يتفق مع تعريف الحنفية للشفعة,كما يتفق مع الحنابلة القائل بسقوط الشفعة إذا مات الشفيع قبل الطلب بها .

       وهنا يعن التساؤل لما لم ينصرف نظر لجنة كامل صدقي باشا  إلى أحد تعريفات المذاهب الفقهية الإسلامية  المختلفة , أو على الأقل يلفق تعريفاً من بين تلك المذاهب الفقهية , ليكون جامعا مانعاً لتعريف الشفعة وشروطها وخصائصها , لكن تلافى ذلك لجنة واضعوا القانون  المدني الجديد.


الفرع الثالث
حكم القانون المدني الجديد

         كانت الفقرة الثانية من المادة (1382) من المشروع التمهيدي للتقنين المدني المقابل للمادة (935) تنص على أن : " والحق في الشفعة لا ينتقل بالحوالة. وإنما ينتقل بالميراث وهو حق لا يتجزأ في إستعماله " .
         وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون : " إن اللجنة جعلت الحق بالشفعة ينتقل بالميراث  , خلافاً لما ذهبت إليه محكمة الاستئناف في دوائرها المجتمعة , ويأخذ بهذا الرأي من فقهاء الشريعة الإسلامية , ومن بينهم الشافعي ومحمد وهو الرأي الذي يتفق مع المبادئ العامة للقانون , فإن الشفعة أساس لدعوى من الدعاوى المالية , وهذه الدعاوى تنتقل بالميراث"  (1).[38]

         وفي لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ قام نقاش حول توريث حق الشفعة وتجزئته من عدمه . وكان من رأي بعض حضرات الأعضاء توريثه ومن رأي البعض الآخر عدم توريثه لأنه حق شخصي حتى أن الدائنين لا يمكنهم استعماله نيابة عن مدينهم .

        وقد استقر القضاء على أن الشفعة ليست حقاً وإنما هي خيار ورخصة لا يجوز انتقالها إلى الغير من الدائنين أو الورثة , وقد استقر رأي اللجنة على حذف الفقرة الثانية من المادة الخاصة بهذا الموضوع

" لأن اللجنة استحسنت أن يظل أمر الحكم فيما تضمنت موكولاً إلى عدل القضاء " (2). ([39]
       وقد قضت محكمة النقضكما قضت في ظل التقنين القديم – بأن الشفعة حق مالي يجري عليه التوارث.
فذهب إلى أن :
1-  من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق الشفعة من الحقوق التي يجري فيها التوارث , وهو حق غير قابل للتجزئة ,يثبت لكل وارث إذا انفرد به , ولهم جميعاً إذا اجتمعوا عليه" .

2-" حق الشفعة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو من الحقوق التي يجري  فيها  التوارث ".

     وقد أبلت قول محكمة النقض المصرية بلاءاً حسناً حينما رجحت بين الآراء الفقهية الإسلامية في حكمها ,وقالت بجواز التوارث في الشفعة مخالفة أحكام محاكم الإستئناف , متخيرة للرأي المتماشي مع ظروف ومصالح العباد , بعد أن أوكلت إليها لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ هذا العمل واستحسنت حذف المادة(1). [40]

المطلب الثاني
الشفعة في العقار دون المنقول

سنعرض لمسألة الشفعة في العقار دون المنقول في الشريعة الإسلامية في فرع أول , ثم نتعرض للشفعة في العقار دون المنقول في القانون المدني المصري في فرع ثانٍ .


الفرع الأول
الشفعة في العقار دون المنقول
في الشريعة الإسلامية.

       تتفق المذاهب الفقهية في أن الشفعة واجبة في الدور والعقار والأرض كلها , وتختلف فيما عدا ذلك .

        فالحنفية يثبتون الشفعة إذا كان المبيع عقار أو ما هو بمعناه ,وهو العلو, فان كان غير ذلك فلا شفعة فيه , وتثبت الشفعة سواء كان العقار مما يحتمل القسمة أو لا يحتملها, ولا تجوز الشفعة في البناء والشجر وانخل المبيع قصداً بدون الأرض القائم عليها , وذلك لاعتبارها من المنقولات .

       وتذهب الشافعية إلى وجوب الشفعة في العقار دون المنقول  , غير أن الشافعية يذهبون إلى وجوب العقار المبيع مما يحتمل القسمة , ويذهبون أيضا إلى انه إذا بيع البناء أو الغراس مع الأرض ثبتت فيه الشفعة , أما إذا بيع الزرع مع الأرض أو الثمرة الظاهرة مع الأصل , لم تؤخذ مع الأصل في الشفعة لأنها منقول(2).    ([41]
       أما المالكية فيثبتون الشفعة في ثلاثة أنواع  , احدها مقصود وهوا لعقار والدور والحوانيت , والثاني ما يتعلق بالعقار مما هو ثابت لا ينقل كالبئر ومحال النخل  والثالث ما تعلق بهذه كالثمار وفيها عن مالك خلاف , ولا تثبت الشفعة في ما عدا ذلك من العروض والحيوان .

       وعن الحنابلة ,فقد اثبتوا الشفعة في الأرض أنها التي تبقى على الدوام ويدوم ضررها , وأما غيرها فينقسم إلى قسمين: احدهما تثبت فيه الشفعة تبعاً للأرض وهو البناء والغراس وثانيهما :لا تثبت فيه الشفعة لا تبعاً أو مفرداً كالزرع والثمرة الظاهرة تباع مع الأرض.

       يتبين مما تقدم أن جمهور الفقهاء لا تثبت العقار دون المنقولات غير أن الإمام مالك ذهب إلى وجوب الشفعة في السفينة وذك لاعتبارها أنها احد المسكنين فتجب فيها  الشفعة كما يجب في امسكن الآخر وهو العقار , أما غيره من الفقهاء فلا يثبتون الشفعة في السفينة لما روي عن رسول الله (ص) انه قال: " لا شفعة إلا في ربع أو حائط".
خلاصة القول أن الفقهاء متفقون على مشروعية الشفعة في العقار، وإنما اختلفوا في مشروعيتها في المنقول، فذهب جمهورهم إلى عدم مشروعية الشفعة في المنقول، ويرى البعض الآخر مشروعيتها في المنقول، أن الشفعة ثابتة في المنقول كما هي ثابتة في العقار. وهو قول الظاهرية , ورواية عن الإمام مالك ,ورواية عن الإمام أ حمد , وقول لإبن حزم :
  (الشفعة واجبة في كل جزء بيع مشاعاً غير مقسوم بين اثنين فصاعدا من أي شيء كان مما ينقسم ومما لا ينقسم، من أرض أو شجرة واحدة فأكثر، أو عبد أو ثوب أو أمة أو سيف أو من طعام أو من حيوان). 

الرأي الشخصي للباحث :

        وهو القول الراجح الذي يوافق الحكمة من مشروعية الشفعة وهي دفع الضرر عن الشريك و إزالة الضرر هو المقصد الشرعي من الشفعة.
فإذا نظرنا إلى المسألة على ضوء الحكمة من تقرير الشفعة في الحالات التي أخذ بها القانون فلا يظهر مبرر للتفرقة بين العقار والمنقول.

        ففي جميع الأحوال تكون الحكمة هي جمع ما تفرق من عناصر الملكية، الأمر الذي لا يقتصر أثره على تحقيق مصلحة الشفيع بل يؤدي إلى تحقيق المصلحة العامة إذ لا شك أن تجزئة الملكية من شأنها تعقيد طريق الانتفاع بالأموال، وهذه الحكمة تقتضي الأخذ بالشفعة عند بيع العقار أو المنقول على السواء، بل قد يكون إثبات الحق في الأخذ بالشفعة عند بعض المنقولات أولى منه عند بيع العقارات كما هي الحال عندما يبيع أحد الملاك على الشيوع في المحل التجاري حصته الشائعة .

      وعليه , بعد أن استعرضنا حكم القانون المدني , لا يسعني سوى أن أهمس في أذن المشرع المصري بعد أن بينت رأيي الشخصي في المسألة , وبينت الحكمة والمقصد الشرعي من إضافة الشفعة للمنقول ,أخذاً برأي المالكية والظاهرية , وضربت مثالاً يكون الأخذ بالشفعة في المنقول أولى منه عند بيع العقار, وهي حالة بيع أحد الملاك على الشيوع في المحل التجاري – وهو منقول-  حصته الشائعة .

      بيد أن السفينة ليست منقول , ففقهاء القانون البحري يعرفونها بأنها منقول ذو طبيعة خاصة., وذلك لأنها تخضع للتسجيل شأنها شأن العقار ,والحيازة لها ليست سنداً للملكية ,خلافاً لقاعدة القانونية – الحيازة في المنقول سند الملكية-  ,فضلاً عن ارتفاع ثمنها .   





الفرع الثاني
الشفعة في العقار دون المنقول
في القانون المدني المصري.
أولاً: في القانون المدني القديم:

        نجد في القانون القديم الخاص بالشفعة الذي قنن فيه بعض الأحكام التي أقرتها المحاكم, وأضاف إليها قواعد أخرى رأى ضرورة إضافتها, وصدر به الأمر العالي في 26 مارس سنة 1900م بالنسبة للقضاء المختلط, وفي 23 مارس سنة 1901م بالنسبة للقضاء الأهلي, حيث كان ينص على:

  "  إذا باع شخص حصة شائعة في عقار مشترك بينه وبين آخرين فلهؤلاء بعضهم أو كلهم الحق في أخذ الحصة المبيعة لأنفسهم جبرًا على المشتري بالثمن الذي بيعت به وهذا الحق مقرر بمقتضى قانون الشفعة الصادر في مارس سنة 1901

         وقد اشترط هذا القانون – السابق - سلسلة قيود نص عليها وأوجب العمل بها ورتب على عدم إتباعها سقوط الحق في أخذ البيع بالشفعة فمنها وجوب الطلب في زمان معين وبصفة مخصوصة ولزوم عرض الثمن عرضًا حقيقيًا وغير ذلك من الإجراءات العديدة التي تعرض حقوق الشفيع للخطر في كل دور من أدوار التقاضي .

        فليس قانون الشفعة هو الوحيد الذي قرر هذا الحق للشريك فقد جاء في باب الشركات – في التقنين القديم- نص آخر هو نص المادة (462) مدني التي قررت:
  " يجوز للشركاء في الملك قبل قسمته بينهم أن يستردوا لأنفسهم الحصة الشائعة التي باعها أحدهم للغير ويقوموا بدفع ثمنها له والمصاريف الرسمية والمصاريف الضرورية أو النافعة " .

فإني أرى أن هذه المادة إذا أُخذت على ظاهرها تفيد:

    1-  تقرير حق الشفعة للشريك في أي ملك مشترك منقولاً كان أو عقارًا.
    2-  أن حق الشفعة هذا يكون فيما يباع شائعًا في الملك المشتري سواء كان منقولاً أو عقارًا.
    3-  أن هذا الحق يظل للشريك ما دام الشيوع قائمًا ولو لبث أعوامًا طويلة.
    4-  أن استعمال هذا الحق ليس مقيدًا بأي قيد ويكفي لثبوته مجرد دفع الثمن ومصاريف البيع.

        ومن هنا يفهم أن الشفعة المقررة للشريك بقانون مارس سنة 1901 والاسترداد المقرر بنص المادة (462 مدني) يلتقيان في موضع واحد ؛ وهو حالة بيع حصة شائعة في عقار مشترك لأجنبي عن الشيوع فإن موضوعهما في هذه الحالة والغرض منهما يكون واحدًا هو الحصول على البيع جبرًا على المشتري بالثمن ومصاريف البيع - ويختلف الحقان في مواضع أخرى هي القيود التي يوجبها قانون الشفعة في الطلب .

      وهنا يظهر جلياً موافقته للمذهب الحنفي , ومجلة الأحكام العدلية من حيث التعريف , ويخالف الحنفية من حيث تقريره الشفعة ( ضمنياً )على العقار والمنقول على السواء , حيث نص المشرع في المادة 462 ( في باب الشركات ) ويقرر الشفعة ضمنياً على المنقول مع العقار للشريك في أي ملك مشترك عقاراً كان أم منقول .كما بينا آنفاً.



ثانياً: في القانون المدني الجديد:

         تعرف المادة (935) مدني الشفعة بقولها: "الشفعة رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري .....الخ".

       ويقول فقهاء القانون أنه من الواضح في هذا النص أن الشفعة لا تكون إلا في العقار , أما المنقول فيرد عليه حق الاسترداد دون حق الشفعة ,وقد رأينا عند دراسة الشيوع أن المادة 833 مدني نصت على الاسترداد في المنقول.
فالمنقول لا تجب فيه الشفعة ,ذلك أن الشفعة شرعت لدفع ضرر الشركة أو الجوار على الدوام .والجوار متخلف في المنقول , وإنما الذي يتصور فيه هو الشركة.

     بيد أن القانون لم يثبت الشفعة لدفع ضرر الشركة وإنما اثبت الحق في الاسترداد ,والذي يترتب في المنقول الشائع إذا باع احد الشركاء حصته الشائعة في هذا المنقول لأجنبي بطريق الممارسة ولذلك لا تثبت الشفعة في السفينة.
       بخلاف ما رآه المالكية,كما لا تثبت في بيع الثمار على أشجارها استقلالاً, حيث تعتبر في هذه الحالة من المنقولات بحسب المآل فيجري عليها حكم المنقول لا العقار ,وكذلك الشأن في بيع بناء للهدم أو غراس للقلع والبناء يعد عقارا  بطبيعته ,وبيعه على استقلال يعد بيعاً لعقار لا لمنقول .
       ولذلك يجوز للشريك المشتاع وللجار الملاصق للبناء المبيع أخذه بالشفعة وذلك خلافاً لما رآه الأحناف. كما تثبت الشفعة بين ملاك الطبقات(1).  [42]
        وقد وافق القانون المصري مجلة الأحكام العدلية في المادة(616) ؛ حيث يقصر الشفعة على العقار دون المنقول ,أخذاً بقول الحنفية والشافعية .

      والشفعة لا تجوز في بيع العقار بالتخصيص استقلالا ًعن العقار الأصلي و فان الشفعة تشمله باعتباره من ملحقاته .
       والحق العيني الذي يقع على عقار يعتبر مالاً عقارياً. ومن ثم تجوز الشفعة في بيع أي حق عيني عقاري أصلي مما يجوز بيعه استقلالاً,كحق الانتفاع وملكية الرقبة وحق الحكر .

       وعليه , بعد أن استعرضنا حكم القانون المدني , لا يسعني سوى أن أهمس في أذن المشرع المصري بعد أن بينت رأيي الشخصي في المسألة , وبينت الحكمة والمقصد الشرعي من إضافة الشفعة للمنقول ,أخذاً برأي المالكية والظاهرية , وضربت مثالاً يكون الأخذ بالشفعة في المنقول أولى منه عند بيع العقار, وهي حالة بيع أحد الملاك على الشيوع في المحل التجاري – وهو منقول-  حصته الشائعة .      بيد أن السفينة ليست منقول ,ففقهاء القانون البحري وفي رأي للأستاذ الدكتور مصطفى كمال طه يعرفها بأنها منقول ذو طبيعة خاصة .
        لكني أرى أنه يجب على المشرع أن يعدل المادة (935) ويضيف نص جديد يجيز فيه الشفعة في بيع العقار والمنقول على السواء, دون الإقتصار على حالة بيع العقار فحسب ، دون المنقول .يكون على هذا النحو :
·        نص مقترح:
                (( الشفعة رخصة تجيز الحلول محل المشتري عند بيع العقار أو المنقول في الأموال .))
- ومراعاة تعديل كل ما يستلزم من مواد مترتبة على تعديل تلك المادة في التقنين المدني المصري.
المطلب الثالث
الشفعة لا تجوز إلا في البيع


أولاً:في الفقه الإسلامي:

    من الثابت في الفقه الحنفي أن الشفعة لا تثبت إلا بعقد البيع وما في معناه من المعاوضات المالية , ولذلك لا تجب الشفعة فيما ليس ببيع ولا بمعنى البيع, فهي لا تجب بالهبة والصدقة والميراث والوصية.
كما يشترط أن تكون المعاوضة مالاً بمال , فإذا لم يكن البدل مالاً معلوم المقدار فلا تقع الشفعة ,وكذلك لا شفعة في فيما ملك بعوض غير مال كالمهر والخلع والصلح عن دم العمد والعتق .

     أما المالكية, فالمشهور عنهم أن الشفعة إنما تجب إذا كان انتقال المال بعوض كالبيع وهبة الثواب  والخلع والصلح والمهر وغير ذلك , وأما المنتقل بغير عوض ,كالهبة بغير ثواب والصدقة  والوصية والإرث فلا شفعة فيه.

    وتثبت الشافعية الشفعة في الشقص المملوك بالبيع ,وتثبت في كل عقد يملك الشق فيه بعوض , كالإجارة والزواج والخلع ,لأنه عقد معاوضة ,أما فيما ملك الشقص فيه بغير عوض , كالوصية والهبة من غير عوض , فلا تثبت فيه الشفعة.
    أما الحنابلة ,فالشرط عندهم أن يكون المشفوع شقصاً منتقلاً بعوض , فالمنتقل بغير عوض أشبه بالميراث .    

ثانياً:في القانون المدني المصري:

أ- في التقنين المدني السابق:

      جوز التقنين المدني السابق الشفعة في البيع والمقايضة ,في حدود, فقد كانت المادة 70/96 تقضي بأنه "لا يصح الأخذ بالشفعة من الموهوب له ولا ممن تملك بغير المبايعة أو المعاوضة "(1).   [43]
وبذلك كانت الشفعة جائزة في ما خرج من ملك صاحبه ببدل مثلي أو قيمي ,فإذا أبدل عقار بعقار ثبت فيه لشفيعه حق أخذه بالشفعة على أن يدفع فيه قيمة العقار الأول , ولكن فقد لوحظ أن الشفيع إنما يأخذ العقار المشفوع فيه بثمنه , وهذا الثمن لا يوجد إلا في البيع .

     ولذلك صدر قانون الشفعة السابق الإشارة إليه في المادة الخامسة منه بأنه "لا يصح  الأخذ بالشفعة من الموهوب له ,ولا ممن تملك بغير المبايعة".

        ومقتضى هذا النص :لا تجوز الشفعة في حالة المقايضة برغم أن المقايضة تنتج نفس آثار البيع إلا ما استثني " ,وقد وافق التقنين القديم مذهب الإمام أبي حنيفة  وذلك لأنه يرى أن الشفعة شرعت في المبادلة المالية المقصودة دون التبع .



ب-.في التقنين المدني الحالي:

          تعرف المادة الشفعة بأنها : " رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري ...الخ" . 
ومفاد هذا أن الشفعة لا تجوز إلا في البيع , ولذلك نجد أن المشرع في كافة نصوص الشفعة يتكلم عن البائع والمشتري على أساس أن الشفعة لا تجوز إلا في البيع.

        وعلى ذلك لا تجوز الشفعة في عقود المعاوضة الأخرى كالمقايضة أو عقود الهبة أو عقد الشركة أو الوفاء بمقابل أو العقود الكاشفة للملكية مثل عقد القسمة وعقد الصلح ولو تما بمقابل نقدي .

     وأخيراً إذا انتقلت الملكية إلى البائع بغير تصرف قانوني , كالميراث والالتصاق والتقادم, فلا تجوز الشفعة لأنه لم يحصل بيع , ولا تجوز الشفعة  إلا في البيع فحسب.

لا تجوز الشفعة في عقود المعاوضة الأخرى كالمقايضة , وإذا كانت المادة 485 من القانون المدني الجديد تقضي بأن تسري على المقايضة أحكام البيع ,فإنها تجعل ذلك بالقدر الذي تسمح به طبيعة المقايضة.
ومن الواضح أن طبيعة المقايضة تأبى خضوعها للشفعة على نحو ما يحل بالنسبة للبيع وكان التقنين المدني الملغي– على نحو ما تقدم – يجيزها .

       ذلك أن الشفعة في البيع لا أثر ها على حق البائع في اقتضاء الثمن , فالبائع يحصل عليه سواء من المشتري أم من الشفيع , بينما لو أجيزت المقايضة فإن صاحب العقار المشفوع فيه لن يحتفظ بالشئ الذي حصل عليه بدلاً من هذا العقار ,إذ يتعين أن يرد هذا الشئ إلى صاحبه على أن يدفع الشفيع إلى صاحب العقار المشفوع فيه مبلغاً من النقود يعادل قيمة ذلك الشئ .


          وبذلك يكون قد وافق التقنين المدني الحالي رقم 131 لسنة 1948م , التقنين المدني القديم في عدم جواز الشفعة في حالة المقايضة برغم أن المقايضة تنتج نفس آثار البيع إلا ما استثني ,قد أخذ بمذهب الإمام أبي حنيفة - , والذي كما أسلفنا -   والذي يرى أن الشفعة شرعت في المبادلة المالية المقصودة دون التبع .

       ويعد ذلك مسلكاً محموداً للجنة كامل صدقي باشا ,حينما تخيرت مذهب من مجمل المذاهب الإسلامية؛ ألا وهو مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان .

       والملاحظ  أن المشرع المصري قد أخذ أحكام الشفعة في مجموعها – سواء في التقنين المدني القديم أو الجديد - ,من المذهب الحنفي , واتبع منهج التلفيق الفقهي بين المذاهب في بعض المسائل التي يرى فيها التماشي مع المصلحة وظروف المجتمع والعصر .

ولاحظت انتشار الصورة الثانية من التلفيق ؛ وهي أكثر أنواع التلفيق وقوعاً وشيوعا في المجال القانوني والتشريعي , ونجدها جلية في القانون المدني المصري خاصة في باب الشفعة .
    كما أنه لم يعتمد مذهباً معين في - حالة خلو القانون أو عدم وجود نص- كأرجح الأقوال في المذهب الحنفي ,كما في قانون الأحوال الشخصية المصري .بل أخذ من المذاهب الإسلامية المختلفة ولم يقتصر على مذهب واحد .

الخاتمة

          بعد البحث والتنقيب ,وبعد جهدٍ مضن في البحث في آراء فقهاء  الشريعة الإسلامية الأجلاء والإطلاع على المذكرة الإيضاحية و محاضر الجلسات ومشروع القانون المدني والتقنين المدني القديم, وأحكام محاكم النقض والاستئناف , و معرفة آراء شيوخ القضاة بمصر,اتبعت المنهج  التأصيلي والمقارن بين الفقه الإسلامي والقانون ,في باب الشفعة محل البحث .

          والناظر في التقنين المدني المصري يجد أنه لم يقتصر على مذهب واحد في التقنين - لا سيما في باب الشفعة- فتارة يعتمد مذهباً معيناً في مسألة ما , وتارة أخرى يلم شتات المسألة المراد تقنينها من مختلف المذاهب الفقهية , وهذا ما يعرف بالتلفيق الفقهي بين المذاهب.

         وهذا متبع في القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948م , فقد لاحظنا من خلال الإطلاع على مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني أنه استمد أحكامه من عدة مصادر من ضمنها الشريعة الإسلامية, وترى فكرة التلفيق موجودة سواء على مستوى النظم المستمد منها القانون أم على مستوى المسائل التي أخذها من الفقه الإسلامي.

    كما أنه لم يعتمد مذهباً معين في - حالة خلو القانون أو عدم وجود نص- كأرجح الأقوال في المذهب الحنفي ,كما في قانون الأحوال الشخصية المصري .بل أخذ من المذاهب الإسلامية المختلفة ولم يقتصر على مذهب واحد .
          ولكن الملاحظ  أن المشرع المصري قد أخذ أحكام الشفعة في مجموعها - في الواقع أو بمعنى أدق غالبية الأحكام  -  سواء في التقنين المدني القديم أو الجديد من المذهب الحنفي .

       ورأيت أنه من المتعين علي – عند تعرضي لأحكام الشفعة – أن أسطر التطور التشريعي لأحكام الشفعة ؛ حتى أتمكن من الوقوف على التأصيل التاريخي لأحكام الشفعة , لمعرفة موقفها من المذاهب الفقهية الإسلامية .

        فقد تناولت الشفعة من حيث الماهية, موضحاً تعريفها في الفقه الإسلامي من حيث اللغة والاصطلاح, مقارناً بتعريف الشفعة في القانون ؛ حيث عرف القانون الشفعة في المادة 935/ مدني بأنها (رخصة ),وما ترتب على هذا التعريف من آثار, منها جواز التوارث في الشفعة.

       توصلت إلى أن الشفعة سبب من أسباب كسب الملكية والانتفاع والحكر ومستمد من الفقه الإسلامي، ويستند في شرعيته إلى السنة، ويكاد ينعقد إجماع فقهاء المسلمين على ثبوت الحق في الأخذ بالشفعة، وإن اختلفوا في بعض مسائلها , واخذ المشرع المصري أغلب أحكام الشفعة الموجودة في القانون المدني المصري من الشريعة الإسلامية الغراء .

    ثم بينت التكييف القانوني للشفعة - الإطلاع على مجموعة الأعمال التحضيرية - سواء في ظل التقنين المدني القديم    ومنهم فريق قد رأى أن الشفعة حق عيني, وفريق آخر رأى أنها حق شخصي, وفريق ثالث توسط وقال أنها ليست حقاً عيني بحتاً ولا حقاً شخصيا بحتاً , عواناً بين ذلك , حق ذو طبيعة مختلطة ., أو في ظل التقنين المدني الجديد الحالي رقم 131 لسنة 1948م .

         مبينا دور أحكام القضاء المدني سواء أحكام محكمة النقض أو محاكم الإستئناف , وما لعبته في توجيه التقنين , من خلال إطراد أحكامها وتواتره على ذلك , وذلك تبعاً لواقعية أحكامه وتماشيها مع ظروف العصر.


       واقتصرت في بحثي في الشفعة على ثلاثة مسائل رئيسة وهامة-  في وجهة نظري -  من أهم قضايا الشفعة  ؛ دونما التعرض لمسائل الإجراءات ولا المسائل التقليدية وهي :

   المسألة الأولى : وهي هل يجوز التوارث في الشفعة , وتبين أن هناك خلاف قائم بين الفقهاء في توارث الشفعة , بين فقهاء الشريعة الإسلامية  أو بين فقهاء القانون , وقد رجحت قول محكمة النقض المصرية , الذي قطع قول كل خطيب ,وأيدت حكمها القائل بجواز التوارث مرجحاً بين الآراء الفقهية الإسلامية , متخيراً للرأي المتماشي مع ظروف ومصالح العباد , بعد أن أوكلت إليه اللجنة هذا العمل واستحسنت حذف المادة

    المسألة الثانية : اقتصار المشرع في الشفعة على العقار دون المنقول , في القانون المدني – تمشياً مع جمهور الفقهاء ,مخالفاً للمالكية والظاهرية ؛ والذين يرون جواز الشفعة في المنقول ,مرجحاً في رأي شخصي ومتوجهاً للمشرع بأنه لا مبرر للتفرقة بين العقار والمنقول وقصرها على العقار دون المنقول عند الأخذ بالشفعة في ضوء المقصد منها والحكمة التي قررت من أجلها . وأرى بجواز انتقالها للمنقول كما في العقار أخذاً برأي المالكية والظاهرية ,لتحقق المقصد الشرعي من ذلك . إذ الشفعة شرعت لدفع الضرر وهو موجود في كليهما. بل قد يكون إثبات الحق في الأخذ بالشفعة عند بعض المنقولات أولى منه عند بيع العقارات كما هي الحال عندما يبيع أحد الملاك على الشيوع في المحل التجاري حصته الشائعة. ولتماشيه مع مصالح العباد وظروف العصر .
      ورأيت أنه على المشرع أن يعدل المادة (935) ويضيف نص جديد يجيز فيه الشفعة في بيع العقار والمنقول على السواء, دون الإقتصار على حالة بيع العقار فحسب ، دون المنقول .ويكون النص المقترح على هذا النحو :
                (( الشفعة رخصة تجيز الحلول محل المشتري عند بيع العقار أو المنقول في الأموال .))...
 - مع مراعاة تعديل كل ما يستلزم من مواد مترتبة على تعديل تلك المادة في باقي المواد المنصوص عليها في القانون المدني .


  المسألة الثالثة : اقتصار المشرع في الشفعة على البيع , دون التصرفات الأخرى ,ولا تكون الشفعة في عقود المقايضة , تمشيا مع مذهب جمهور الفقهاء . إلا أنه قد خالف الفقه الإسلامي  , في القانون المدني القديم ,وأجاز الشفعة في عقود المقايضة , بيد أنه عدل عن ذلك المنهج , واقتصر في الشفعة على البيع تمشياً مع مذهب الحنفية . 

        وأخيراً ومن خلال البحث تبين لي سمو هذه الشريعة الإسلامية الكاملة والتي تصلح منبعاً ومصدراً صافياً لجميع القوانين الوضعية ، لا سيما العربية , وهذا يثبت بما لا يدع مجالا للشك أنها صالحة لكل زمان ومكان .
      لذا أرى وجوب الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية التي هي من لدن حكيم خبير، والسعي إلى تطبيقها في تشريعاتنا العربية, وهذا واجب على عاتق المشتغلين بعلم الشريعة والقانون ,المهتمين بصلاح أحوال وطنهم ودينهم ودنياهم .
والله الموفق والمستعان...



قائمة المراجع

أولاً : القرآن الكريم :
ثانياً : كتب الحديث :
1- صحيح البخاري (الجامع المسند من حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وسننه وأيامه) : لأبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري – المطبعة السلفية – القاهرة – الطبعة الأولى – 1400هـ .
2- صحيح مسلم : لأبي الحسين مسلم بن حجاج القشيري النيسابوري – تحقيق : محمد فؤاد عبدالباقي – دار إحياء الكتب العربية – القاهرة .
3- فتح الباري شرح صحيح البخاري : لابن حجر العسقلاني – ترقيم : محمد فؤاد عبدالباقي .
4- سنن الترمذي : لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي – تحقيق : أحمد شاكر – .
5- سنن أبي داود : للحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني ، ومعه معالم السنن : للخطابي – تحقيق : عزت عبيد الدعاس وعادل السيد – دار الحديث .
6- سنن ابن ماجة : للحافظ أبي عبدالله محمد بن يزيد القزويني ابن ماجة – تحقيق – محمد فؤاد عبدالباقي.
7- المستدرك على الصحيحين : لأبي عبدالله الحاكم النيسابوري ، وبذيله التلخيص : للحافظ الذهبي.
8- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل : لمحمد ناصر الدين الألباني – المكتب الإسلامي.
ثالثاً: كتب الفقه :
أ – الفقه الحنفي:
- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق : لفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي – دار الكتاب الإسلامي – مطابع الفاروق الحديثة – القاهرة – ط2.
- رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين). – دار الكتاب الإسلامي – مطابع الفاروق الحديثة – القاهرة – ط2.
- فتح القدير على الهداية : لكمال الدين محمد بن عبد الواحد – المعروف بابن الهمام , دار الفكر,ط2.
- المبسوط : لشمس الدين السرخسي - دار المعرفة  - 1406هـ - 1986م.
ب – الفقه المالكي :
- بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك : لأحمد بن محمد الصاوي – على الشرح الصغير : للدردير – مكتبة ومطبعة البابي الحلبي – مصر – الطبعة الأخيرة 1372هـ - 1952م .
- المعونة على مذهب عالم المدينة: للقاضي عبدالوهاب البغدادي – تحقيق: حميش عبدالحق – مكتبة نزار مصطفى الباز.
ج – الفقه الشافعي:
- مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج : لمحمد الشربيني الخطيب – شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر 1377هـ - 1958م .
- نهاية المحتاج : لمحمد بن أبي العباس الرملي – مطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر.
د – الفقه الحنبلي :
- إعلام الموقعين عن رب العالمين: لمحمد بن أبي بكر بن أيوب، المعروف بابن قيم الجوزية – تحقيق: مشهور سلمان – دار ابن الجوزي – المملكة العربية السعودية – الطبعة الأولى – 1423هـ.
- المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل : لابن قدامة المقدسي – الطبعة الأولى – 1405هـ - 1985م .
رابعاً: كتب اللغة :
   1- القاموس المحيط : لمحمد بن يعقوب الفيروز آبادي ,دار إحياء التراث العربي,ط,1 - 1991,م.
   2- لسان العرب : لأبي الفضل جمال الدين محمد بن محرم بن منظور الأفريقي المصري .
   3- المعجم الوسيط : , مجمع اللغة العربية ,القاهرة , ج 1, ط 2

خامساً: كتب القانون :
   1- د.محمد كامل مرسي , الملكية والحقوق العينية ,ج4 , الشفعة في العقار, ط  3.
   2- د.عبد الرزاق السنهوري ,الوسيط في شرح القانون المدني , ج,9مجلد1 ,ط 3 .
   3- الشيخ .علي الخفيف , أحكام المعاملات الشرعية , القاهرة ,ط 1, دار الفكر .
   4- مذكرة المشروع التمهيدي , مجموعة الأعمال التحضيرية ,ج6, مطبعة دار الكتاب العربي.
   5- د. عبدالمنعم البدراوي , حق الملكية , 1987,القاهرة.
   6- د.عبد السلام ذهني , في الأموال , القاهرة .
   7-  أ.د.محمود عبدالله العكازي , قواعد الفقه الكلية ,جامعة الأزهر, ,كلية الدراسات الإسلامية.  
   8- د.رمضان أبو السعود ,الحقوق العينية الأصلية , الاسكندرية ,ط1, دار الجامعة الجديدة , 1987م.
   9- د.جابر عبدالهادي الشافعي – التلفيق الفقهي بين الرفض والقبول وأثر ذلك على قوانين الأحوال      الشخصية _دار الجامعة الجديدة , 2010م.
   10- أحكام الشفعة في الفقه الإسلامي: لعبد الله الدرعان, بحث منشور على شبكة الإنترنت.
   11- موسوعة الفقه والقضاء في القانون المدني, الشفعة ,م/محمد عزمي البكري ج17,دار محمود للنشر.
   12- الموسوعة القضائية الحديثة في الدعاوى المدنية , الشفعة , ج2, ط1, أ. شريف احمد الطباخ.
    13- د. عـادل مبارك المطـيرات, حكم شفعة الجار في الفقه الإسلامي ,كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ,الكويت , بحث منشور على شبكة الانترنت.

سادساً: المجلات والقوانين:
   1- مجلة الأحكام العدلية . وشرحها لعلي حيدر , منشور على شبكة الانترنت.
   2- مذكرة المشروع التمهيدي_مجموعة الأعمال التحضيرية,ج6, مطبعة دار الكتاب العربي.
   3- مجموعة أحكام النقض المصرية – النقض المدني – محكمة النقض.



الفهرس.

الموضوع                                                                                   الصفحة

                                                                                                                        
المقدمة............................................................................... ....... 3
المبحث الأول : ماهية الشفعة..................................................... ....... 5  المطلب الأول : تعريف الشفعة...................................................................
أولاً :في اللغة....................................................................
ثانياً:في الاصطلاح.........................................................
ثالثاً:في القانون المدني المصري................................................. 6
المطلب الثاني: مشروعية الشفعة..........................................         7
الفرع الأول : دليل مشروعية الشفعة.......................................        
الفرع الثاني: أصل مشروعية الشفعة......................................         9
المطلب الثالث: التطور التشريعي لأحكام الشفعة............................         11 
المطلب الرابع: الشريعة الإسلامية الغراء المصدر                                   
                   التشريعي للشفعة.......................................         12
المبحث الثاني : التكييف القانوني للشفعة..................................         13
المطلب الأول :التكييف القانوني للشفعة قبل العمل
                     بالقانون المدني الجديد................................       
المطلب الثاني : التكييف القانوني للشفعة بعد العمل
                     بالقانون المدني الجديد................................         14 
المبحث الثالث : بعض المسائل المتعلقة بالشفعة...........................         16
المطلب الأول :انتقال الشفعة بالإرث.......................................
الفرع الأول :آراء فقهاء الشريعة الإسلامية................................         
الفرع الثاني :آراء فقهاء القانون والقضاء.................................
الفرع الثالث :حكم القانون المدني الجديد...................................         20
 المطلب الثاني :الشفعة في العقار دون المنقول..............................         21
 الفرع الأول :الشفعة في العقار دون المنقول
  في الشريعة الإسلامية .....................................................      
الفرع الثاني :الشفعة في العقار دون المنقول                                          
 في القانون المدني المصري...............................................         23
المطلب الثالث:الشفعة لا تجوز إلا في البيع .................................        24
 الخاتمة......................................................................... 26 المراجع         28  
الفهرس...................................................................           31   
*****








(1) لسان العرب لإبن منظور  (4/2289) مادة (شفع).
(2) المصباح المنير للفيومي (1/432) مادة (شفع) مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر.
([3]) سورة النساء: الآية (85).
([4]) القاموس المحيط (3/59) مادة (شفع)، وانظر معجم مقاييس اللغة لابن فارس (3/201).
([5]) د. عـادل مبارك المطـيرات, حكم شفعة الجار في الفقه الإسلامي ,كلية الشريعة ,الكويت , بحث منشور على شبكة الانترنت.
([6]) تكملة فتح القدير : لشمس الدين بن قودر (9/369). وانظر في التعريف العناية على الهداية (9/369).وأنظر رد المحتارعلى الدر المختار(حاشية ابن عابدين), دار الكتاب الإسلامي , القاهرة , مكتبة الفاروق, ط2.وانظرتبيين الحقائق للزيلعي.
(1) المغني لإبن قدامة, (5/178) وانظر في التعريف غاية المنتهى لمرعي بن يوسف (2/250) مشار إلية.
(2) د. عـادل مبارك المطـيرات, حكم شفعة الجار في الفقه الإسلامي ,كلية الشريعة ,الكويت , بحث منشور على شبكة الانترنت. وأحكام     الشفعة في الفقه الإسلامي: لعبد الله الدرعان, موقع المكتبة الشاملة .   www.shamela.ws 

(1) أخرجه البخاري (2/128) في كتاب الشفعة – باب الشفعة فيما لم يقسم – رقم الحديث (2257).
(2) فتح الباري _ رقم الحديث (4/436).
(3) أخرجه مسلم (3/1229) في كتاب المساقاة – باب الشفعة – رقم الحديث (1608).
(4)أخرجه أبو داود (3/788) في كتاب البيوع – باب في الشفعة – رقم الحديث (3518)، والترمذي _ رقم الحديث (3/642) في كتاب الأحكام – باب ما جاء في شفعة الغائب – رقم الحديث (1369)،             
=وابن ماجة (2/833) في كتاب الشفعة – باب الشفعة بالجوار – رقم الحديث (2494). والحديث حسنه الترمذي، وصححه الألباني في إرواء الغليل _ رقم الحديث (5/378).

(1) المعونة على مذهب عالم المدينة (2/1267) وانظر: بداية المجتهد لابن رشد (2/310). وبلغة السالك لأقرب المسالك إلى الإمام مالك.
(2) مغني المحتاج (2/296).وانظر نهاية المحتاج للرملي .
(3) المغني لإبن قدامة (5/178), مرجع سابق, وانظر فيمن نقل الإجماع ورد على من شذ: الحاوي للماوردي (7/227) .
(1) المغني لإبن قدامة , المرجع السابق,(5/178).
(2) إعلام الموقعين عن رب العالمين (3/371 – 373).0
(3) المصدر نفسه، وانظر المبسوط (14/90).
د. عبدالمنعم البدراوي , حق الملكية, 1978, ص333   (4)
المرحوم الشيخ علي الخفيف, في أحكام المعاملات الشرعية , دار الفكر,ص110.   (1)
(2) م/محمد عزمي البكري, موسوعة الفقه والقضاء في القانون المدني, الشفعة , ج17,دار محمود للنشر, ص23.                                     -   والموسوعة القضائية الحديثة في الدعاوى المدنية,الشفعة ,ج2,ط1, شريف احمد الطباخ2011م.
 (3)  أ.د.محمود عبدالله العكازي , قواعد الفقه الكلية ,جامعة الأزهر,الاسكندرية ,كلية الدراسات الإسلامية والعربية , ص163وما بعدها . 



(1)  دكتور محمد كامل مرسي , الملكية والحقوق العينية ,ج 4 , الشفعة في العقار ,ط3, 1355 هـ 1936 , ص14.
(2) مذكرة المشروع التمهيدي, مجموعة الأعمال التحضيرية ,ج6,ص343,هامش (1).
(1) "  ويلاحظ أن نظام الشفعة معروف في بعض القوانين الأجنبية ومنها قوانين البلاد غير الإسلامية,كالقانون الاسباني والقانون الألماني.
(2) أستاذنا الدكتور جابر عبدالهادي الشافعي – التلفيق الفقهي بين الرفض والقبول وأثر ذلك على قوانين الأحوال الشخصية _دار الجامعة الجديدة , 2010م.  .
(3) مجموعة الأعمال التحضيرية ,ج6, ص356 وما بعدها.

(1) محمد كامل مرسي , الملكية والحقوق العينية,مرجع سابق ,و د.عبد الرزاق السنهوري_الوسيط في شرح القانون المدني ج9مجلد1,ط3 ص27,استئناف مختلط 11 مايو 1892 استئناف أهلي 7 نوفمبر 1895 , استئناف مختلط أول مارس 1921   
- وقد ناصر هذا الرأي في اللجنة الثانية لتنقيح القانون المدني الأساتذة بسار , وصليب سامي وأيدهما رئيس اللجنة .
استئناف مختلط 26 ابريل 1900 , واستئناف مختلط 31 ديسمبر 1926 ,   (2)
وناصر هذا الرأي في اللجنة الثانية لتنقيح القانون المدني الأساتذة فان اكر وجراهام و مصطفى الشوربجي.
(1) عبد السلام ذهني , في الأموال , ص652 , وناصر هذا الرأي في اللجنة الثانية لتنقيح القانون المدني الأساتذة , دوفيه و عبد الفتاح السيد. 

 (1)   د.عبد الرزاق السنهوري_الوسيط في شرح القانون المدني, المرجع السابق, ج9مجلد1,ط3
  د. رمضان أبو السعود , الحقوق العينية الأصلية ,الإسكندرية,1987 دار المطبوعات الجامعية,ط2001,ص255 (2)
 و د.عبد الرزاق السنهوري_الوسيط في شرح القانون المدني ,  مرجع سابق , ج9مجلد1,ط3).-  
(1)- طعن رقم 95 لسنة 8 ق , جلسة 8 يونيه  1939 م.
(2)- طعن رقم 16 لسنة 15ق , جلسة 31 يناير 1946 م.
(3)- طعن رقم 311 لسنة 23 ق جلسة 7 مارس 1957م.
 (1) نوقش تعريف الشفعة في لجنة المرحوم كامل صدقي باشا وفيما يلي مناقشات تلك اللجنة :
" تساءل الأستاذ محمد كامل مرسي بك في المشروع التمهيدي الذي وضعه في الشفعة عما إذا كان هناك محل لتعريف حق الشفعة ,ثم طلب الرئيس من حضرات الأعضاء إبداء آرائهم في هذا الشأن .فقال فؤاد حسني بك انه لا يرى فائدة من تعريف حق الشفعة . إذ الأمر يتعلق بطريقة من طرق اكتساب الملكية. ورأى مصطفى الشوربجي بك إرجاء البحث لبعد مناقشة النصوص المقترحة. وقال صليب سامي بك إن القانون أورد تعريف لكل عقد من العقود ولما كان حق الشفعة ليس عقد فلا حاجة لوضع تعريف له. وقال المسيو فان اكر : إن تعريف هذا الحق غير لازم, إذ يكفي أن يذكر انه من مصادر اكتساب الملكية كما في التقنينات القائمة. وانتهت اللجنة إلى أن تعريف حق الشفعة  يجب = أن يكون شاملاً ,وحيث انه غير وافي ولا يتناول الشروط التي يخضع لها استعمال هذا الحق.  وبالتالي انصرفوا عن التعريف, (محضر جلسة 18 يونيه سنة 1937م).
مجموعة الأعمال التحضيرية ,ج6, ص349 وما بعدها. (1)
(2) مجموعة الأعمال التحضيرية ,ج6, ص356 وما بعدها.

(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ,ج6, ص356 وما بعدها.
(2) مغني المحتاج ،مرجع سابق, وانظر في التعريف فتح الباري.

(1)  د.عبد الرزاق السنهوري_الوسيط في شرح القانون المدني , مرجع سابق ,ج9مجلد1,ط3 , و
د. رمضان أبو السعود , الحقوق العينية الأصلية, مرجع سابق, دار المطبوعات الجامعية,ط2001,ص255 

1) التقنين المدني القديم.)
هل اعجبك الموضوع :
author-img
مُدّون و كاتب وباحث مصري شاب و محام حاصل على الماجستير في الفقـه الإسـلامـي بكليـة الحقوق جامعة الإسكندرية. وباحث بالدكتـوراة في الشريعة الإسلاميــــة والقانون الجنائي ، وموظف بالحكومة المصرية و عضو نقابـة المحامين المصريــة و مؤســـس مــــوقع (معاشي وتأميناتي ) الإجتماعي وكاتـب في العديد من الصحـف المصرية والعربية والدولية .

تعليقات