نحو تطبيق الشريعة الإسلامية في عالمنا المعاصر. بقلم محمد ربيع الشلوي
تاريخ النشر : 2013-02-22
نحو تطبيق الشريعة الإسلامية في عالمنا المعاصر.
بقلم / محمد ربيع الشلوي.
تعالت أصوات دعاة بقاء الوضع على ماهو عليه ـ أو بقاء ما كان على ماكان ـ في المجال التشريعي في مصرنا الحبيبة ، معللين حجتهم الداحضة بأنه ليس الوقت المناسب لتطبيق الشريعة الإسلامية ، وأنه يجب توافر المناخ المناسب ، ليمهد لتطبيقها ،وأن يتوافر من العدالة والتمسك بالقيم الاسلامية ما يكفل التبيق ؛ بمعنى أن يسود المجتمع الإسلام بمعناه الحقيقي عقيدة وقيماً .
أقول أن هذا كلام من يريدون التخلص من كلية من احكام الإسلام والشريعة ، ممن لايتوافق تطبيقها مع هواهم ومن يرون في تطبيقها شر أريد بهم، وقيد على حرياتهم.
وإن افترضنا جدلاً أنه لم يحن الوقت لتطبيق الشريعة ، فماعسانا أن نطبق من أحكام؟! ومن عسى التشريعات التي سنتبناها ؟!
ثم لا يسعني سوى إلا أن ألقي باللوم علينا نحن ؟؟ وأقول من تستقون منه تطبيق الشريعة ؟؟ ومن الذي يحدد أن هذا الوقت مناسب من عدمه ؟؟؟ وأتسائل هل وضع الله عز وجل ميعاد زمنياً لشريعته لتطبيقها ؟؟؟وهل من طبقوا الشريعة الاسلامية هل سبقوا أو تعجلوا التطبيق؟؟!!
إن القوانين والتشريعات لم تسن كي ترسم لنا حياة إجتماعية مثالية ، لتوقفنا وقفة المتأمل فيما أستحدثته من أحكام وشرائع ، ثم نتسآئل هل هذه الحياة الإسلامية الصحيحة أم لا؟!
لا بل تجئ القوانين لتعبر عن الواقع الذي نلمسه بأيدينا ونعيش فيه ، مقومة ما أعوج من سلوك المجتمع ، ويسدد ما أنحرف منه عن جادة الصواب، على هدي الشريعة التي نزلت من السماء ، والتي لاتدعو لمنكر ولا تنه عن معروف.
بمعنى أنه يجب علينا أن لا نتجرع قواعد الإسلام والشريعة ولا نكاد نسيغها ، بل يجب تيسير تطبيق الأحكام مع واقعنا المعاصر بصورة تلائم العصر الذي نعيش فيه وتصلح له.
قد يدعوا الداعين الى تعطيل تطبيق الشريعة بأن يقولون : ماذا تنقمون منا ؟! ألم يكفيكم أن جل التشريعات موافق لأحكام الشريعة . وليس هذا بصحيح.
لا أنكر أن هناك العديد من القوانين التي لا مراء فيها أنها مقتبسة من الشريعة أو على الأقل لاتخالفها ،كقانون الأحوال الشخصية ،وقانون المواريث . والقانون المدني ، وغيره من القوانين العديدة .
إن اقتناعي بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية ـ في هذه الآونه ـ في مجتمعنا ينطلق من صلاحية أحكامها على ما سواها ،وملائمتها دون سواها لتحقيق مصالح الناس ، وكفالة حماية أنفسهم وأموالهم ، دونما تعطيل أو تباطؤ.
إني لا أدعو إلى هدم البنيان والنظام القانوني الحالي برمته ، بل إنني من دعاة الإصلاح التشريعي ، وتقويم ما يخالف الشريعة الإسلامية منها .
لقد إقتصر دور التيارات الإسلامية على مجرد تضمين الدستور الجديد ، مادة مجردة تدعو الى أن الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسسي للتشريع فحسب. معتقدين أن هذا هو تطبيق الشريعة ـ من وجهة نظرهم ـ ألم يدر بخلد واضعيها أنها كانت موجودة في الدساتير السابقة ، وأن تلك المادة لم ولن تمس في دولة إسلامية ، مهما يكن من خلافات قائمة ظلفاتها بيننا.
وبقي لي أن أتسآئل ؟! لما التباطؤ في تكوين لجان تقوم بمراجعة القوانين ،ـ ولتكن تحت إشراف اللجنة التشريعية ـ لتتبين منها الغث من السمين ، ماهو موافق للشريعة الإسلامية ، وماهو منها ببعيد ، وتحيي تراث اللجان التي سبقتهم لذلك العمل من قبل.
أقول راجعوا التاريخ... ثم انظروا ...
فإذا ما رجعنا للتأصيل التاريخي للمسألة سنجد أن القانون الفرنسي فرض علينا فرضاً ولم نختاره بمحض إرادتنا:
نعم.. لقد فرض علينا القانون الغربي فرضاً ولم نستوحيه من تلقاء أنفسنا ، ووضع على غير إرادة منا لوجوده في ظروف كانت تمر بها مصر ،تحت وطأة الإحتلال البريطاني.
فقد كان مجلس النظار في أثناء الثورة العرابية وبعد جهد جهيد ،قد أصدر قراراً بوضع قوانين مستمدة من الشريعة الاسلامية ، ولكن حال الاحتلال البريطاني دون تطبيقه .
ولما أريد إحيائه مرةً ثانية ، عند إنشاء المحاكم الأهلية ،كان الاحتلال البريطاني سبباً رئيساً في إخفاق المحاولة ، وفرض القانون الفرنسي على البلاد.
وتم إحلال القوانين الغربية محل الشريعة الاسلامية ، فالقوانين الأوروبية طبقت أول ما طبقت في مصر في المحاكم المختلطة ؛ تلك المحاكم التي أنشأت لحماية سيطرة الأجانب في مصر ،نتيجة للإمتيازات الأجنبية ، وكان قضاة المحكمة غالبيتهم أجانب والقوانين التي تطبقها أجنبية هي كذلك.
فاتفقوا على أن تكون مجموعة القوانين التي تطبقها المحاكم لاتينية ،وعلى ذلك نقلت القوانين الفرنسية لنا، وأختير المحامي (مانوري) ؛ ذلك المحامي الفرنسي الذي شوه وجه القانون المصري والمجتمع . والذي أتم مهمته في وقت قياسي جداً أقل مما يستغرقه وقت لوضع كتيب صغير.
فأقتصر دوره بعد أن كلف بوضع القوانين على مجرد نقل القوانين الستة نقلاً حرفياً ، وهي قوانين لا تعبر إلا عن المجتمع الأوروبي ،ولا تتماشى البته مع ظروف مجتمعنا مطلقاً آنئذ، ولا في الوقت الحالي.
فنقل إلينا قانون يجاري المجتمع الذي تمخض عنه ، من إباحية و ربوية في التعاملات المالية ، وعادات لا قبل لنا بها تماماً.
فنجد على سبيل المثال ، في ذلك القانون ـ ومن المؤسف أن النص لازال موجوداً في تشريعنا الجنائي ـ أن عقوبة الزنا ، مقدرة بستة أشهر للزوج في حالة ارتكابة الزنا على فراش الزوجية ، وسنتين عقوبة الزوجة ، بشرط تقديم شكوى من الزوج ، لأنها من جرائم الشكوىـ وقيام الزوجية ؛ ومن الممكن تنازل الزوج يعفي الزوجة ـ وهذا معنى جديد للدياثة غريب عن مجتمعنا وشرعنا ـ ، ومعنى ذلك أن إقامة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج مباح ؛ أي إذا زنيا الزوجان أو خان احدهما الآخر خارج فراش الزوجية ، لا يعاقبا ، وهذا الأمر فيه مخالفة شديدة للشريعة الغراء ، ناهيك عن الأضرار التي ستترتب وتهدم المجتمع بأسره. وغيرها من النصوص الواردة في القانون المصري ، والتي لا يتسع المجال لسردها، كنت قد حصرتها ودرستها على يد أساتذتنا العظام ، أمثال الأستاذ الدكتور رمضان الشرنباصي والدكتور جابر عبدالهادي الشافعي والدكتور كمال الدين إمام و كثير... في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية ،ذلك الصرح العلمي الشامخ ،الذي أتشرف بإنتمائي له .
والعجيب أن هنالك العديد من الدول العربية ،وطبقوها مثل ليبيا والسودان والكويت والأمارات والمملكة العربية السعودية ،تم تطبيق الشريعة الاسلامية بها ، منهم من قد استعاروا منا تلك القوانين ، ومنهم من بقى لهم القدح المعلى ..واليد الطولى على سائر التشريعات العربية.
بيد أن مفكري الأمة وقادة الرأي آنئذ في مهنة القانون من أبنائها نادوا بإرجاع فكرة تطبيق الشريعة الاسلامية من جديد في مصر.
فنادوا بتنقيح القانون المدني المصري ، وإصدار قانون جديد سنة 1948 ، وهو فتح من الله لا يضاهية فتح ، فقد شكلت لجنة من رجال الفقه القانونيين والقضاة ،وعلماء الأزهر ،وقدمت تقريراً إلى مجلس الشيوخ المصري يحوي لإقتراحات بوضع قانون مدني جديد مأخوذ من أحكام الشريعة الإسلامية الغراء .
وكان من ضمن رجال اللجنة الأستاذ العلامة السنهوري ، والذي قال في حديثه عن تطبيق الشريعة : وإني زعيم لكم بأن تجدوا في ذخائر الشريعة من المبادئ والنظريات مالا يقل في رقي الصياغة وفي احكام الصيغة معن أحدث النظريات في الفقه الغربي .
ولا يفوتني أن أذكر بمشروع المرحوم الدكتور إسماعيل معتوق ، وقد كان المشروع يتضمن اقتراحاً بتعديل أحكام القانون العقوبات المصري بحيث يصبح مطابقاً لأحكام الشريعة الاسلامية ، وفي ذلك تقر المذكرة الايضاحية للمشروع : أنه جاء استجابة للرغبة الصادقة التي انبثقت من بين جماهيرالشعب التي تنادي يتطبيق الشريعة في قوانينها.
فهذا المشروع لم يهدم قانون العقوبات هدماً ،ولم يطح به إطاحة ، بل عمد الى النصوص المخالفة لأحكام الشريعة ،والتي لايزيد عددها عن ست وخمسين مادة ،والتي تبعد عن نصها وفحواها فاستللها منه كما يستل المرض الخبيث من الجسم العليل ، وكرر عليه بالاحكام الشرعية بما لايزيد عن أربع وأربعين مادة ..لتكون بمثابة قلبها النابض الذي يعيد له الحياة بعد الممات.
وتذكر المذكرة أن المشروع لم يقررالا ما اتفق عليه الفقهاء معتبراً اختلافهم شبهة تدرئ الحد ليحل محلها التعزير.
ولا يفوتنا أن الأزهر شكل لجنة عليا لمراجعة التشريعات الوضعية ،وتعديلها بما يتفق مع مبادئ الريعة الاسلامية ، على يد شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود.
ولكن لم تسفر كل هذه المجهودات عن استجابة من مجلس الشعب ، وها نحن أولاء ننتظر على أحر من جمر الغضا ،ننتظر أية بارقة أمل ...تقدم نحو تطبيق الشريعة الإسلامية .فيستطيع الحاكم بجرة قلم تحقيق مطالب أجيال ، وشعب بأكمله ، لما فيه من تحقيق الخير للبلاد والعباد ،وليبقى لنا فخاراً أي فخار، وشرفاً أي شرف ، نتيه به بين الأمم .
وأخيراً... أوجة نداءاً و توصية للمشرع المصرى أن يولى الاهتمام بالاصلاح التشريعى المنشود وتحقيق الثمرة المرجوة وتطبيق الشريعة الإسلامية ،داعين المولى عز وجل أن نصيب الحقيقة التي يشهد لها الدليل الصحيح ، ويصدقها الفهم المستقيم فإن أصبنا فلله الحمد والمنه ، وإن أخطأنا فالخير أردنا ،وما التوفيق إلا من عند الله.
بقلم / محمد ربيع الشلوي.
تعالت أصوات دعاة بقاء الوضع على ماهو عليه ـ أو بقاء ما كان على ماكان ـ في المجال التشريعي في مصرنا الحبيبة ، معللين حجتهم الداحضة بأنه ليس الوقت المناسب لتطبيق الشريعة الإسلامية ، وأنه يجب توافر المناخ المناسب ، ليمهد لتطبيقها ،وأن يتوافر من العدالة والتمسك بالقيم الاسلامية ما يكفل التبيق ؛ بمعنى أن يسود المجتمع الإسلام بمعناه الحقيقي عقيدة وقيماً .
أقول أن هذا كلام من يريدون التخلص من كلية من احكام الإسلام والشريعة ، ممن لايتوافق تطبيقها مع هواهم ومن يرون في تطبيقها شر أريد بهم، وقيد على حرياتهم.
وإن افترضنا جدلاً أنه لم يحن الوقت لتطبيق الشريعة ، فماعسانا أن نطبق من أحكام؟! ومن عسى التشريعات التي سنتبناها ؟!
ثم لا يسعني سوى إلا أن ألقي باللوم علينا نحن ؟؟ وأقول من تستقون منه تطبيق الشريعة ؟؟ ومن الذي يحدد أن هذا الوقت مناسب من عدمه ؟؟؟ وأتسائل هل وضع الله عز وجل ميعاد زمنياً لشريعته لتطبيقها ؟؟؟وهل من طبقوا الشريعة الاسلامية هل سبقوا أو تعجلوا التطبيق؟؟!!
إن القوانين والتشريعات لم تسن كي ترسم لنا حياة إجتماعية مثالية ، لتوقفنا وقفة المتأمل فيما أستحدثته من أحكام وشرائع ، ثم نتسآئل هل هذه الحياة الإسلامية الصحيحة أم لا؟!
لا بل تجئ القوانين لتعبر عن الواقع الذي نلمسه بأيدينا ونعيش فيه ، مقومة ما أعوج من سلوك المجتمع ، ويسدد ما أنحرف منه عن جادة الصواب، على هدي الشريعة التي نزلت من السماء ، والتي لاتدعو لمنكر ولا تنه عن معروف.
بمعنى أنه يجب علينا أن لا نتجرع قواعد الإسلام والشريعة ولا نكاد نسيغها ، بل يجب تيسير تطبيق الأحكام مع واقعنا المعاصر بصورة تلائم العصر الذي نعيش فيه وتصلح له.
قد يدعوا الداعين الى تعطيل تطبيق الشريعة بأن يقولون : ماذا تنقمون منا ؟! ألم يكفيكم أن جل التشريعات موافق لأحكام الشريعة . وليس هذا بصحيح.
لا أنكر أن هناك العديد من القوانين التي لا مراء فيها أنها مقتبسة من الشريعة أو على الأقل لاتخالفها ،كقانون الأحوال الشخصية ،وقانون المواريث . والقانون المدني ، وغيره من القوانين العديدة .
إن اقتناعي بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية ـ في هذه الآونه ـ في مجتمعنا ينطلق من صلاحية أحكامها على ما سواها ،وملائمتها دون سواها لتحقيق مصالح الناس ، وكفالة حماية أنفسهم وأموالهم ، دونما تعطيل أو تباطؤ.
إني لا أدعو إلى هدم البنيان والنظام القانوني الحالي برمته ، بل إنني من دعاة الإصلاح التشريعي ، وتقويم ما يخالف الشريعة الإسلامية منها .
لقد إقتصر دور التيارات الإسلامية على مجرد تضمين الدستور الجديد ، مادة مجردة تدعو الى أن الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسسي للتشريع فحسب. معتقدين أن هذا هو تطبيق الشريعة ـ من وجهة نظرهم ـ ألم يدر بخلد واضعيها أنها كانت موجودة في الدساتير السابقة ، وأن تلك المادة لم ولن تمس في دولة إسلامية ، مهما يكن من خلافات قائمة ظلفاتها بيننا.
وبقي لي أن أتسآئل ؟! لما التباطؤ في تكوين لجان تقوم بمراجعة القوانين ،ـ ولتكن تحت إشراف اللجنة التشريعية ـ لتتبين منها الغث من السمين ، ماهو موافق للشريعة الإسلامية ، وماهو منها ببعيد ، وتحيي تراث اللجان التي سبقتهم لذلك العمل من قبل.
أقول راجعوا التاريخ... ثم انظروا ...
فإذا ما رجعنا للتأصيل التاريخي للمسألة سنجد أن القانون الفرنسي فرض علينا فرضاً ولم نختاره بمحض إرادتنا:
نعم.. لقد فرض علينا القانون الغربي فرضاً ولم نستوحيه من تلقاء أنفسنا ، ووضع على غير إرادة منا لوجوده في ظروف كانت تمر بها مصر ،تحت وطأة الإحتلال البريطاني.
فقد كان مجلس النظار في أثناء الثورة العرابية وبعد جهد جهيد ،قد أصدر قراراً بوضع قوانين مستمدة من الشريعة الاسلامية ، ولكن حال الاحتلال البريطاني دون تطبيقه .
ولما أريد إحيائه مرةً ثانية ، عند إنشاء المحاكم الأهلية ،كان الاحتلال البريطاني سبباً رئيساً في إخفاق المحاولة ، وفرض القانون الفرنسي على البلاد.
وتم إحلال القوانين الغربية محل الشريعة الاسلامية ، فالقوانين الأوروبية طبقت أول ما طبقت في مصر في المحاكم المختلطة ؛ تلك المحاكم التي أنشأت لحماية سيطرة الأجانب في مصر ،نتيجة للإمتيازات الأجنبية ، وكان قضاة المحكمة غالبيتهم أجانب والقوانين التي تطبقها أجنبية هي كذلك.
فاتفقوا على أن تكون مجموعة القوانين التي تطبقها المحاكم لاتينية ،وعلى ذلك نقلت القوانين الفرنسية لنا، وأختير المحامي (مانوري) ؛ ذلك المحامي الفرنسي الذي شوه وجه القانون المصري والمجتمع . والذي أتم مهمته في وقت قياسي جداً أقل مما يستغرقه وقت لوضع كتيب صغير.
فأقتصر دوره بعد أن كلف بوضع القوانين على مجرد نقل القوانين الستة نقلاً حرفياً ، وهي قوانين لا تعبر إلا عن المجتمع الأوروبي ،ولا تتماشى البته مع ظروف مجتمعنا مطلقاً آنئذ، ولا في الوقت الحالي.
فنقل إلينا قانون يجاري المجتمع الذي تمخض عنه ، من إباحية و ربوية في التعاملات المالية ، وعادات لا قبل لنا بها تماماً.
فنجد على سبيل المثال ، في ذلك القانون ـ ومن المؤسف أن النص لازال موجوداً في تشريعنا الجنائي ـ أن عقوبة الزنا ، مقدرة بستة أشهر للزوج في حالة ارتكابة الزنا على فراش الزوجية ، وسنتين عقوبة الزوجة ، بشرط تقديم شكوى من الزوج ، لأنها من جرائم الشكوىـ وقيام الزوجية ؛ ومن الممكن تنازل الزوج يعفي الزوجة ـ وهذا معنى جديد للدياثة غريب عن مجتمعنا وشرعنا ـ ، ومعنى ذلك أن إقامة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج مباح ؛ أي إذا زنيا الزوجان أو خان احدهما الآخر خارج فراش الزوجية ، لا يعاقبا ، وهذا الأمر فيه مخالفة شديدة للشريعة الغراء ، ناهيك عن الأضرار التي ستترتب وتهدم المجتمع بأسره. وغيرها من النصوص الواردة في القانون المصري ، والتي لا يتسع المجال لسردها، كنت قد حصرتها ودرستها على يد أساتذتنا العظام ، أمثال الأستاذ الدكتور رمضان الشرنباصي والدكتور جابر عبدالهادي الشافعي والدكتور كمال الدين إمام و كثير... في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية ،ذلك الصرح العلمي الشامخ ،الذي أتشرف بإنتمائي له .
والعجيب أن هنالك العديد من الدول العربية ،وطبقوها مثل ليبيا والسودان والكويت والأمارات والمملكة العربية السعودية ،تم تطبيق الشريعة الاسلامية بها ، منهم من قد استعاروا منا تلك القوانين ، ومنهم من بقى لهم القدح المعلى ..واليد الطولى على سائر التشريعات العربية.
بيد أن مفكري الأمة وقادة الرأي آنئذ في مهنة القانون من أبنائها نادوا بإرجاع فكرة تطبيق الشريعة الاسلامية من جديد في مصر.
فنادوا بتنقيح القانون المدني المصري ، وإصدار قانون جديد سنة 1948 ، وهو فتح من الله لا يضاهية فتح ، فقد شكلت لجنة من رجال الفقه القانونيين والقضاة ،وعلماء الأزهر ،وقدمت تقريراً إلى مجلس الشيوخ المصري يحوي لإقتراحات بوضع قانون مدني جديد مأخوذ من أحكام الشريعة الإسلامية الغراء .
وكان من ضمن رجال اللجنة الأستاذ العلامة السنهوري ، والذي قال في حديثه عن تطبيق الشريعة : وإني زعيم لكم بأن تجدوا في ذخائر الشريعة من المبادئ والنظريات مالا يقل في رقي الصياغة وفي احكام الصيغة معن أحدث النظريات في الفقه الغربي .
ولا يفوتني أن أذكر بمشروع المرحوم الدكتور إسماعيل معتوق ، وقد كان المشروع يتضمن اقتراحاً بتعديل أحكام القانون العقوبات المصري بحيث يصبح مطابقاً لأحكام الشريعة الاسلامية ، وفي ذلك تقر المذكرة الايضاحية للمشروع : أنه جاء استجابة للرغبة الصادقة التي انبثقت من بين جماهيرالشعب التي تنادي يتطبيق الشريعة في قوانينها.
فهذا المشروع لم يهدم قانون العقوبات هدماً ،ولم يطح به إطاحة ، بل عمد الى النصوص المخالفة لأحكام الشريعة ،والتي لايزيد عددها عن ست وخمسين مادة ،والتي تبعد عن نصها وفحواها فاستللها منه كما يستل المرض الخبيث من الجسم العليل ، وكرر عليه بالاحكام الشرعية بما لايزيد عن أربع وأربعين مادة ..لتكون بمثابة قلبها النابض الذي يعيد له الحياة بعد الممات.
وتذكر المذكرة أن المشروع لم يقررالا ما اتفق عليه الفقهاء معتبراً اختلافهم شبهة تدرئ الحد ليحل محلها التعزير.
ولا يفوتنا أن الأزهر شكل لجنة عليا لمراجعة التشريعات الوضعية ،وتعديلها بما يتفق مع مبادئ الريعة الاسلامية ، على يد شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود.
ولكن لم تسفر كل هذه المجهودات عن استجابة من مجلس الشعب ، وها نحن أولاء ننتظر على أحر من جمر الغضا ،ننتظر أية بارقة أمل ...تقدم نحو تطبيق الشريعة الإسلامية .فيستطيع الحاكم بجرة قلم تحقيق مطالب أجيال ، وشعب بأكمله ، لما فيه من تحقيق الخير للبلاد والعباد ،وليبقى لنا فخاراً أي فخار، وشرفاً أي شرف ، نتيه به بين الأمم .
وأخيراً... أوجة نداءاً و توصية للمشرع المصرى أن يولى الاهتمام بالاصلاح التشريعى المنشود وتحقيق الثمرة المرجوة وتطبيق الشريعة الإسلامية ،داعين المولى عز وجل أن نصيب الحقيقة التي يشهد لها الدليل الصحيح ، ويصدقها الفهم المستقيم فإن أصبنا فلله الحمد والمنه ، وإن أخطأنا فالخير أردنا ،وما التوفيق إلا من عند الله.
تعليقات
إرسال تعليق